الثلاثاء، 23 مايو 2017

ما وراء زيارة ترامب إلى المنطقة.. المخطَّط الأمريكي والمخطَّط الإيراني الروسي المضاد







قاسم شعيب


دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل سفره إلى السعودية في اجتماعات مطولة ومتواصلة لثلاثة أيام مع وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر. وكيسنجر هو أحد قادة جماعة النورانيين اليهود الحاكمين في أمريكا والعالم.  وهو بلا شك خبير مخضرم في العلاقات السعودية الأميركية وفي شؤون الخليج وإيران والمنطقة.. سبق لكيسجنر أن أطلق مقولته الشهيرة منذ 2012: "أصم من لا يسمع طبول الحرب العالمية الثالثة التي تقرع في الشرق الأوسط!"... وهو أيضا صاحب مقولة: "سعداء بخداعنا للرأي العام وللمنطقة العربية بانسحابنا الكاذب من العراق.. فكيف ننسحب من العراق الذي أعطينا من أجل الوصول إليه الخسائر البشرية والمادية.. ولنا فيه سفارة أميركية هي الأولى في العالم بـ 12 ألف رجل، وحجمها بقدر حجم البنتاغون ولمرات.. وبقدر الأمم المتحدة في نيويورك بمرات عدة"..

بل إن المستشرق الصهويني برنارد لويس كتب قبل سنوات: "إن الحل السليم للتعامل مع العرب والمسلمين هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية.. وإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الفعل عندهم، فنحن نضمن أن عملاءنا أنجزوا كل شيء ولم يبقَ علينا إلا التنفيذ الآن، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، التي أسّس لها حكامهم، لذلك يجب أن تغزوها أميركا وأوروبا لتدمر الحضارة الاسلامية فيها".

ما تقوم الإدارة الأمريكية على الأرض ليس شيئا آخر غير ما كتبه برنارد لويس. إن ذلك يعني أن ترامب جاء إلى المنطقة، باعتباره سفيرا موكّلا برتبة رئيس، للقيام بمهمة محددة جدا.. من الواضح أن كيسنجر والذين معه لديهم استراتيجية كونية يريدون من خلالها تغيير الخريطة السياسية العالمية، وبناء نظام سياسي جديد جوهره حكومة عالمية واحدة تكون عاصمتها ومركزها القدس. وهذا يعني أن ترامب جاء إلى المنطقة لإطلاق مرحلة أخرى، قد تكون ما قبل الأخيرة، في مشروع الشرق الأوسط الجديد أو بكلمة أوضح مشروع إسرائيل الكبرى.

أن تكون السعودية أول دولة يزورها الرئيس الامريكي الجديد فهذه سابقة لم تحدث من قبل، حيث كانت كندا أو المكسيك هي أول الدول التي يزورها الرئيس الجديد. لا شك أن ذلك له دلالاته الواضحة في تسريع إنجاز المشروع الكبير الذي من أجله اجتمع كيسنجر طويلا مع ترامب قبل مجيئه.

يريد أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد، وبشكل واضح، توسيع دائرة النار. عقود التسليح الخيالية التي تصل إلى 110 مليار دولار وبقية الـ 500 مليار دولار من العقود التجارية والاستثمارية لا يمكن إلا أن تكون المقابل الذي يظن آل سعود أنه يضمن مصالحهم ويحقق أحلامهم.. فالكرم السلماني أعلن استعداده غير المحدود لتنفيذ ما هو مطلوب منه وهو بالأساس تمويل الحلف الصهيوني الوهابي وتوجيهه نحو العدو الرئيس الجديد؛ ايران وحلفاؤها في المنطقة، مقابل ضمان تمرير العرش إلى ابنه محمد وإبعاد ولي العهد محمد بن نايف. وقد نشرت مجلة التايم بتاريخ 17/5/2017 شهادة المؤرخة "روزي بشير" التي تعمل في جامعة "ييل" والمهتمة بالشأن السعودي قالت فيها: "الأمير الشاب ابن سلمان يحاول أن ينخرط ببراعة في إدارة ترامب من أجل كسب النفوذ بدلا من ابن عمه ابن نايف ليحل محله في العرش بدعم واشنطن"..

تشير بعض التقارير من داخل أروقة "قمم الرياض" إلى أن أكثر المباحثات بين السعودية والولايات المتحدة تكرست حول العراق وسوريا وإيران. واستغلت السعودية وجود صهر ترامب ومستشاره اليهودي جاريد كوشنير الذي زار العراق قبل أشهر قليلة لأنها تعرف نفوذه الكبير في ملفات المنطقة.

وتتحدث تلك التقارير عن مخطط لطرد إيران من العراق وسوريا من خلال إعادة هيكلة تنظيم داعش الذي تم جمع مقاتليه في مكان سري داخل العراق ليلتحق بهم بعد فترة "الدواعش" الأشداء الذين حرص التحالف الدولي على حياتهم في المعارك للاستفادة منهم في خطة إخراج إيران من العراق وسوريا والتي رصدت لها السعودية 140 مليار أخرى غير تلك الأرقام المعلنة!

جوهر تلك الخطة تدبير انقلاب عسكري في العراق لإسقاط الحكومة القائمة والإتيان بنظام عسكري معاد لإيران يجبرها على الخروج من العراق. والأمر نفسه ينسحب على سوريا وبنفس الطريقة. أي تدبير انقلاب من داخل النظام والإتيان بقيادة جديدة معادية لإيران تجبرها على الخروج من سوريا. هذا الأمر يحتاج إلى شراء ذمم الزعامات العراقية الموالية لإيران حيث توجد تقارير عن رصد ملايين الدولارات لمن يتخلى منهم عن حزبه لصالح قيادة بديلة والمغادرة نحو إيران بمبررات شتى منها اعتزال العمل السياسي. وفي سوريا يحتاج الأمر إلى إدماج المعارضة المسلحة والمجموعات الإرهابية تحت عباءة القيادة الجديدة في سوريا.

أما الأكراد فقد أُعطوا كل ما يمكّنهم من الانسلاخ عن الدولة في العراق وسوريا تمهيدا لإقامة كيانهم المستقل بدعم كامل من واشنطن. فقد تم تسليحهم بشكل جيد وسُمح لهم بالاحتفاظ بالأرض المنتزعة من داعش في العراق كما في سوريا، إضافة إلى الأرض التى يعيشون فوقها والتي أقاموا عليها فعليا كيانات حكم ذاتي.

مسرح المعركة وميدانها الأساسي لا يزال العراق وسوريا. ولا يمكننا أن نتصور أن إخضاع الدولتين لكل ذلك الدمار هو من أجل لا شيء أو من أجل ترك جهات أخرى تجني ثماره.

هذا كله يعني أن إيران، وروسيا بدرجة أقل، هما المستهدفتان من الحلف الجديد. غير أنه ليس واردا أن تستسلم الدولتان المؤثرتان بقوة في المنطقة للمخططات الأمريكية بل إن المنطقي أن تدافع كلا منهما عن مصالحها. وليس مستبعدا، كما تقول تقارير، أن تكون إيران وروسيا قد أعدَّتا ما يُناسب من خططٍ عسكرية ولوجستية وسياسية لإفشال الخطط الأمريكية أو إرباكها على الأقل.

الأحد، 21 مايو 2017

خدعة الهولوغرام وتقنية الشعاع الأزرق.. هل نحن فعلا أمام خطر هجوم كائنات فضائية على الأرض كما يقول ستيفن هوكينغ أبرز علماء الفيزياء؟!







ستيفن هوكينغ هو أشهر عالم فيزياء فى العالم، ويقال إنه أذكى علماء الفيزياء النظرية بعد عالم الفيزياء الشهير آينشتاين، رغم الإعاقة الجسدية التي يعاني منها. ساهم بشكل فعّال في كثير من الأنشطة المتعلقة باستكشاف الفضاء، غير أنه يطلق من حين لآخر  تصريحات تثير الكثير من الجدل.
ومن تلك التصريحات تحذيراته، في موقع ديلي ميل، للبشر من خطر الانقراض بسبب هجوم حتمي من الكائنات الفضائية التي تسعى الى استعمار الأرض. قال هوكينغ، خلال الفيلم الذى يحمل اسم "Stephen Hawking’s Favorite Places"، إنه عندما يحدّق فى السماء يتصور بأن هناك شخصا في جزء آخر من الكون ينظر لنفس المكان، ومع الوقت يقتنع أكثر بأننا لسنا وحدنا فى هذا الكون، مضيفا أنه فى يوما ما سوف نتلقى إشارة من كوكب مثل "جليسى 832 C"، خاصة بتلك الكائنات المتقدمة، ولكن يجب أن نكون حذرين عند الرد عليها. وقال في مقابلة أخرى: "إذا جاءت الكائنات الفضائية الغريبة لزيارتنا، فإن النتيجة ستشبه إلى حد كبير ما حدث عندما وصل كريستوفر كولومبوس إلى أميركا، والتي لم تكن أمراً جيداً للسكان الأصليين".

كائنات عاقلة في كواكب أخرى
وجودُ كائناتٍ عاقلة تعيش في كواكب أخرى شيء أكده القرآن الكريم والنبي الخاتم صلى الله عيه وآله وسلم في مواضع كثيرة منها قوله تعالى: "ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون". النحل: 49. وقوله: "ويخلق ما لا تعلمون". النحل: 9. وقوله: "أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد". ق: 15. وقوله: "وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض". الأنعام: 75.
ومنها ما نُقل عن النبي في كتاب السمرقندي نقلاً عن الهيئة قال: "إن لله تعالى جدّه ثمانية عشر ألف عالم الدنيا منها عالم واحد". وفي تفسير ابن شهراتوب عن النبي قال: "إن لله ثمانية عشر ألف عالم أحدها الدنيا". في دائرة المعارف ومعجم البلدان عن النبي صلى الله عليه وآله في معنى ومن الأرض مثلهن قال: "... وفي كل أرض آدم مثل آدمكم ونوح مثل نوحكم وإبراهيم مثل إبراهيمكم". وفي بحار الأنوار عن ابن عباس قال: "سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم وآدم كآدمكم ونوح كنوحكم". وفي تفسير القمي وبحار الأنوار، ج 14 عن الإمام علي: "هذه النجوم التي في السماء [فيها] مدائن مثل المدائن التي في الأرض". وفي الفتوحات المكية والأنوار النعمانية عن ابن عباس قال: "... وإن في كل من الأرضين السبع خلقاً مثلنا". وروي عن الإمام الباقر: "إن من وراء هذه الشمس أربعين عين شمس ما بين شمس إلى شمس أربعون عاما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أولم يخلقه وأن من وراء قمركم هذا أربعين قمرا ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوما فيها خلق كثير ما يعلمون أن الله خلق آدم أو لم يخلقه..". وفي رواية عن أبى صالح قال دخل رجل على أبى عبد الله فقال له: "جعلت فداك هذه قبة آدم قال: نعم، وفيه قباب كثيرة. إن خلف مغربكم هذا تسعة وثلاثين مغربا أرضا بيضاة مملوة خلقا يستضيئون بنورها لم يعصوا الله طرفة عين ما يدرون أن الله خلق آدم أم لم يخلق".
وهذا كله يعني أن وجود كائنات حية ودواب وحيوانات ومخلوقات عاقلة في كواكب أخرى حقيقة من وجهة نظر إسلامية. وسواء توصّل الغرب إلى تأكيد ذلك أم عجز، فإن تلك الكائنات لا خطر من جهتها على الأرض. فهي كائنات تعيش في كواكب شبيهة بالأرض لكن لا شيء يدل على أنها قد تهاجم كوكبنا. ولا شيء يدلّ على علمها بوجود بشر وحياة على الأرض. فضلا عن أنها كائنات خيِّرة ولا تعرف حتى معنى الشر.
غير أن الغرب الذي لم يستطع حتى تأكيد وجود كائنات تعيش في كواكب أخرى، يحاول إيهام الناس في العالم بوجود خطر حقيقي على حياتهم بسبب قرب هجوم تلك الكائنات الفضائية على الأرض. والتخويف من هجوم تتعرض له الأرض تنفذه كائنات فضائية مرتبط بشكل مؤكد بأمرين. الأول علمي والثاني ديني. العلمي هو تقنية الهولوغرام التي ينوي الحاكمون الفعليون في هذا العالم استخدامها لتحقيق أهداف معينة. والديني هو عودة المسيحين المزيف والحقيقي..

تقنية الهولوغرام وتكنولوجيا الإيهام
توصلت التكنولوجيا الحديثة إلى تقنية جديدة تسمى الهولوغرام أو الهولوغرافيHolography  أو الذواكر الهولوغرافية. وهي تقنية تمتلك خاصية فريدة تمكنها من إعادة تكوين صورة الأجسام بأبعادها الثلاثة.
وكلمة هولوغرافي هي في الأصل يونانية مشتقة من كلمة هولوس Holos بمعنى "كلّ" وغرافو Grapho بمعنى "الكتابة" فيكون معنى الهولوغرافيا تسجيل الصورة الكامل أو فن التصوير المجسّم. ويختلف التصوير المجسّم عن التصوير التقليدي، ليس في كثافة المادة الحساسة المسجلة للضوء فحسب، بل أيضا في حزمة الموجات الضوئية التي تصطدم بالجسم المراد تسجيله. وبذلك يتم وضع الموجات الضوئية حاملة المعلومات الكاملة في تخطيط ثلاثي الأبعاد للجسم.
يعتمد التصوير المجسّم على تسجيل سعة موجة الجسم. حيث تسجّل في لوح معين يسمى هولوغرام، إذا أضيء يصبح ممكنا إعادة تكوين صدر الموجة. وبذلك تتكوّن الصورة في الفضاء الثلاثي الأبعاد وليس على ورقة كما هي حالة التصوير العادي. والصورة المعروضة لا يمكن تمييزها عن الجسم الأصلي، أو إن ذلك صعب المنال.
تتم تلك العملية باستخدام أشعة الليزر وكأنها أنوار في الهواء حيث لا يوجد مصدر ضوئـي أو شعاع أو سطح يعكس عليه الضوء ملامح الأشياء واضحة. ليست المسألة إعجازا. هي طريقة علمية تظهر الأشياء وكأنها حقيقة من خلال اختراق الأشعة بشكل طبيعي لأنها أشعة ليزر تشبه الضوء. وبهذه الطريقة تظهر أمامنا حيوانات أو أشجار أو بشر أو أي شيء آخر في شكل هالة من نور تبدو أمامنا كما لو كانت حقيقة وواقع، تتحرك وتصدر أصواتا.
يبقى الليزر أنقى ضوء عرفه الإنسان حتى الآن؛ والسبب هو أن لموجات الليزر التواتر نفسه والتردد ذاته. تظهر الصور، باستخدام الليزر، مجسمة بأضواء في الهواء دون مصدر للضوء، ودون سطح لانعكاس الضوء عليه، فتبدو الأشياء وكأنها حقيقية أمامنا، إلا أننا عندما نقترب لتحسسها يتعذر علينا ذلك، فهي مجرد صور ضوئية في الهواء وليست أجساماً حقيقية، ويمكننا تمرير أيدينا من خلالها، وقد تفوقت هذه التقنية على تقنية الـ3D التي تظهر الصور ثلاثية الأبعاد باستخدام نظارات خاصة.
غير أنه من الممكن في المستقبل، من خلال هذه التقنية، تنظيم ندوة، مثلا، أو محاضرة في بلد ما ونقلها في نفس الوقت لبلاد أخرى. وإذا نجحت الفكرة وأصبح ممكنا الإفادة من الهولوغرام بطريقة قابلة للمس، سيظهر لنا بشكل واقعي ملموس ما كنّا نشاهده خيالا علميا كالكمبيوتر الهولوغرافي والجوال الهولوغرافي والمنزل الهولوغرافي..
تعتمد فكرة الهولوغرام على تداخل أشعة الليزر، من خلال قوانين الموجات في الفيزياء. فعندما تلتقي قمتا موجتين، تتحدان لتتشكّل موجة أكبر بمرتين، أما إذا التقت قمة موجة بقاع موجة أخرى تنعدم الموجتان، لتتكون منطقة سكون. وهذا يعني أن هذا العلم يعتمد على شبكة في غاية التعقيد من التداخلات الموجية المعقدة، التي تسجّل على لوح وهو ما يسمى بالهولوجرام.
إن أشعة الليزر، عندما تلتقي، تولد شبكة متداخلة ومعقدة، يمكن تسجيلها على لوحة تصوير، وهذا التسجيل هو ما يسمى بالهولوغرام Hologram ومن الممكن استخدامها في المستقبل في المحادثات المرئية المباشرة مثل فيديو الكونفرنس Video Conference وغيرها. الهولوغرام، على هذا النحو، طفرة جديدة في عالم الصورة يعمل على تجسيد الأجسام من خلال استخدام أشعة الليزر.

تاريخ الهولوغرام واستخداماته
يرجع تاريخ الهولوغرافيا إلى عام 1947 عندما حاول دينيس جابور تحسين قوة التكبير في الميكروسكوب الإلكتروني. وبسبب شح الموارد الضوئية في ذلك الوقت، تأخر ظهور التصوير المجسم، حتى ظهر الليزر عام 1960، فتم العمل من قبل جيوريس أوباتنيكس على استخدام الليزر والهولوغرام باعتباره وسيط عرض ثلاثي الأبعاد. وفي عام 1972 بدأت التجارب تتوالى، حتى توصل العلماء إلى تقسيم حزم أشعة الليزر إلى قسمين؛ نصفها يسقط على مرآة مستوية تجزئ الأشعة وتعكسها على لوح فوتوغرافي، وتسمى هذه الأشعة بأشعة المرجع.. والجزء الآخر من الأشعة يسقط على الجسم المراد تصويره، وتسمى هذه الأشعة بأشعة الجسم، فعندما يلتقي الشعاعان وينتج تداخل للأشعة في مناطق مظلمة وأخرى مضيئة.
ويستخدم الهولوغرام لعدة أغراض منها مثلا الاعلانات التجارية للمنتجات، وتصوير الأفلام الخيالية والأفلام العلمية التي تُظهر أرواحاً تتحرك أمام الإنسان ولا يمكنه لمسها. كما يستخدم للقضاء على التزوير بما أنه مستحيل النسخ، لا عن طريق آلات التصوير، ولا عن طريق الماسح الضوئي المعروف بالـ"سكانر". ومع ذلك يبقى هذا العلم قابلا للتطوير..
ليس صعبا استخدام تكنولوجيا الهولوغرام لتضليل الناس. بل إن ذلك شيء سهل ويسير، وهناك دلائل كثيرة على استخدام هذه التقنية في التضليل الإعلامي في أمريكا وأوروبا ومناطق كثيرة من العالم من خلال فبركة أحداث وصور كما فعلت جريدة يومية كبرى عندما عرضت صورا مزعومة للرئيس جورج بوش مع أحد المخلوقات الفضائية بطريقة متقنة وهو يقوم بالتسليم عليه داخل مكتبه في البيت الأبيض.
وفي سلسلة أفلام "حرب النجوم"، استخدامت فكرة التصوير المجسم في تصوير أحدى وسائل الاتصال والتخابر الخاصة بالمستقبل. ففي فيلم أوشنز 12، مثلا، استخدم الهولوغرام في عملية سرقة أحدى التحف الثمينة لإيهام المشاهدين بأنها لا تزال في مكانها.

الهولوغرام والأهداف الدينية
من الممكن أن تستخدم تكنولوجيا الهولوغرام للتلاعب بالمعتقدات الدينية عند الشعوب والإيحاء بوجود اتصالات فضائية مع مخلوقات أخرى خارج الأرض أو تصوير أطباق طائرة والقول إنها تحمل تلك الكائنات أو تصوير رموز دينية في السماء مثل صورة السيدة مريم أو السيد المسيح وإيهام الناس بظهوره لهم!
نجد، مثلا، في كتاب "كوكب الأرض نقطة زرقاء باهتة" لكارل ساجان العالم الفيزيائي الشهير، والذي صدر مترجما إلى العربية في سلسلة "عالم المعرفة" الكويتية، أن واحدة من النظريات تقول إن الكائنات الفضائية كانت موجودة منذ ملايين السنين. وتلك الكائنات هي من قام بنشر بذور الحياة على كوكب الأرض. فالحيوانات والنباتات هي من أسكنها الأرض. وآخر تلك البذور التي زرعوها في الأرض هي البذور الجينية للإنسان والهدف هو مراقبة هذا الكائن البشري عبر آلاف السنين من الحضارات المتعاقبة والمختلفة، البابلية والفرعونية والإغريقية والقرطاجنية والهندية والصينية والعربية والأوروبي..
وتلك الكائنات الفضائية هي التي ساعدت الإنسان على إبداع كل تلك العلوم والأفكار والحضارات وهي التي بنت أهرامات مصر والمكسيك.. ولا شك أن مصدر تلك التقارير هو الإعلام الامريكي الذي مارس على امتداد عقود لعبة التضليل والتحكم في العقول. وكانت الصناعات السينمائية التي يتقنها هوليوود عاملا إضافيا لترويج تلك التصورات.
إن ذلك كله يقع ضمن مخطط أكبر يهدف إلى الإيحاء بإمكانية تعرض الأرض إلى هجوم تشنه كائنات فضائية لسبب أو لآخر. وحتى إذا كان هناك شك لدى بعض الناس، فإن ذلك جيد بالنسبة إليهم مادامت الحقيقة ضائعة ولا أحد مستعد للقبول بها إذا ما استثنينا قلة من العارفين.
إن ذلك مهم بالنسبة إلى الهدف الكبير الذي يخطط له الحاكمون الفعليون لهذا العالم والذي يتمثل في البحث عن طريقة لتوحيد الناس خلف المسيح اليهودي المزعوم الذي يعمل أتباعه على التمهيد لخروجه بكل ما يملكونه من قوة علمية وإعلامية وسياسية واقتصادية. والادعاء بأن ذلك الملك اليهودي هو الأقدر على حماية الأرض وساكنيها من هجوم الكائنات الفضائية المزعومة، هو الوسيلة التي يتصورون أنها ستجعل الناس يوالونه ويصطفون خلفه..












الثلاثاء، 16 مايو 2017

عودة صلاح الدين.. التاريخ يراجع أوراقه




قاسم شعيب

ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب، المعروف بصلاح الدين الأيوبي، في شمال العراق وبالتحديد في تكريت (532 - 589 هـ / 1138 - 1193 م). وكما هو شأن أي حاكم في التاريخ، يمجّد صلاحَ الدين البعضُ ويحتقره آخرون. آخر من تجرّأ على نقد يوسف بن أيوب هو الكاتب المصري يوسف زيدان الذي وصفه فقال إنه: "أحقر شخصية في التاريخ". والأفضل للموضوعية العلمية أن يتم الحكم على أحداث التاريخ وليس شخوصه مادامت الشخصيات التاريخية تثير كل هذا الجدل!.
جاء صلاح الدين في ظرف تاريخي مزدحم بالصراعات الداخلية والخارجية. وكانت هناك ممارسات ضد الانسان بمبررات مذهبية وطائفية وسياسية تشبه ما نراه اليوم. كان الناس يقتلون لمجرد اختلافهم الديني أو المذهبي. ولم يكن العلماء أو الفلاسفة استثناء كما حدث للسهروردي المقتول.. ولعل الظرف التاريخي الذي نمر به اليوم يشبه الماضي. بل هو أسوأ أمام واقع التخلف والتبعية والغرائز الطائفية المنفلتة.
تكلم الكاتب المصري يوسف زيدان فأثار حوله الداعمين والشاتمين ولم يبق ذو صيصة لم يدل بدلوه الفارغ في أكثر الأحيان الا من الهواء.. الخواء المعرفي، وفراغ العقل، وغياب الانصاف وتحكّم التاريخ المكتوب وسلطة السائد هي الأشياء التي تحكم ردات الفعل. إذ لا مكان للدراسة العلمية الموضوعية لشخصية الفاعلين التاريخيين. لا يتعلق الأمر بصلاح الدين وحده بل يشمل سير الكثيرين الذين يتم تقديس أكثرهم لا لشيء إلا لأنهم كانوا حكاما واستطاعوا أن يستأجروا كتّابا يزوّروا لهم التاريخ ويصنعون منهم أبطالا..

يوسف شاهين يتخيل
صوّر المخرج المصري يوسف شاهين في فيلم "الناصر صلاح الدين"، يوسف بن أيوب بطلا قوميا عروبيا حارب الأعداء. كان الفيلم متخما بالأيديولوجيا ودعاية واضحة لفكرة القومية التي انتهت صلاحيتها اليوم. لم يكن الفيلم سوى تمثيلية من قصص الخيال والفنتازيا تم حبكها بأسلوب فني لا يمكن إلا الاعتراف لأصحابه بالقدرات الفنية الكبيرة. جاء الفيلم متضمنا لقليل من التاريخ وكثير من الخيال. من التاريخ كان مشهد المرأة الافرنجية التي جاءت الى معسكر المسلمين واستغاثت بصلاح الدين بعد أن فقدت ابنتها التي خطفها بعض الجنود المسلمين. ولم يقصّر صلاح الدين فأمر بالبحث عن البنت حتى وجدها وردها الى أمها. بعد خروج كل الصليبيين من القدس مقابل فدية رمزية للرجال والنساء والأطفال، لم يقبل الرجل أخذ الأموال من الفقراء ودفعها من خزينته..
كبّر الفيلم صورا لم تكن موجودة وأهمل صورا أخرى كثيرة. قال في مبالغة مكشوفة، أن مسيحيي العرب حاربوا مع صلاح الدين، وأن شخصية كعيسى العوام المسيحي، كان من أبرز قادة صلاح الدين، وهذا شيء لا صحة له، فعيسى العوام كان مسلما، وكان من متطوعا في جيش صلاح الدين.
من الأشياء الأخرى التي لا واقع لها في التاريخ ذهاب صلاح الدين الى ريتشارد في خيمته لتطبيبه، هذا لم يحدث. فالرجلان لم يلتقيا على الإطلاق. وحتى مفاوضات الصلح  تولاها أبو بكر أخو صلاح الدين.
حاول الفيلم أن يقدم صلاح الدين فارسا لا يشق له غبار فصوّر في مشهد درامي بطولة صلاح الدين وفروسيته الخيالية تماما في المبارزة بينه وبين “رينو دي شاتيو”، الأمير الفرنسي المغامر، والذي كان سببا -مع آخرين- في هزيمة حطين. قال المشهد إن صلاح الدين أقسم أن يقتله بيده جراء ما فعله هذا الأمير؛ رينو/ أرناط في المصادر العربية، من الهجوم على المدينة المنورة والتهجم على قبر الرسول ص، وهو ما حدث بعد انتصار حطين. المبارزة لم تحدث أبدا ولم تكن إلا خيالا سينمائيا..
لم يعامل صلاح الدين الأسرى بطريقة حضارية ولا بطريقة إسلامية بل انه كان يذبح الأسرى من الأسباترية والداوية بالمئات لأنهم كانوا الأشرس والأقوى في محاربته. وهو ما لم يصوره الفيلم.
صالح صلاح الدين ريتشارد نتيجة الانقسامات التي كانت تعصف بجيشه ولم تكن المعنويات مرتفعة ولا كان الجيش كتلة واحدة. ولو كان الأمر كذلك لما اضطر الرجل إلى مصالحة الصليبيين وقائدهم. صالحهم بعد أن هاجموا القدس واسترجعوه ولم يستطع صلاح الدين سوى أن يوقع معهم صلحا ثم ما لبث أن مات بعد سنة. وهذا بعكس ما صوره الفيلم. لم يكن صلاح الدين الكردي عروبيا ولا كان ملائكيا في حروبه وفي كثير من مواقفه كما أراد أن يصوره يوسف شاهين.

يوسف زيدان يحفر
تصوّر كتب تراثية كثيرة صلاح الدين على أنه شيطان رجيم. ووصل الأمر بالكاتب المصري يوسف زيدان إلى حد وصفه بأحقر شخصية في التاريخ. الصفة غير مناسبة في البحث العلمي والافضل وصف الأحداث وليس الاشخاص. لا شك أن الصراع السياسي والديني كان على أشده. ومن الطبيعي أن يرى من يوافق صلاح الدين في الدين والمذهب فيه قديسا بينما يراه خصومه شيطانا رجيما. لا يتعلق الأمر بالشيعة الذين كانوا ضحايا لممارساته. بل يشمل أيضا الكثير من المسيحيين والعلمانيين الخارجين عن المذاهب.
كان هناك صراع سني شيعي وكان صلاح الدين، الأشعري الذي يميل إلى التصوف، طرفا فيه. وهذا يعني ضرورة العودة الى التاريخ بعين الباحث العلمي المنصف الذي يتعالى على الانتماءات من أجل الحقيقة. فجزء من مآسي العرب والمسلمين اليوم هو عدم قراءتهم لتاريخهم بإنصاف وموضوعية بهدف تصحيح الاخطاء بسبب الغرائز الطائفية والمذهبية والدينية الراسخة والتي يرفض الكثيرون محاكمتها بالأساليب العلمية المتاحة.
دخل الفاطميون مصر سنة 358هـ حسب الخطوطات التاريخية، وليس قبل ذلك بقرن كما قال يوسف زيدان. أما انتماءهم للسلالة الهاشمية فهو أمر يشكك فيه كثيرون رغم أن هناك أدلة على صحته. ومهما كان نسبهم فهذا ليس مهما. ما يهم هو أنهم كانوا إسماعيليين. أي أنهم لم يكونوا من الطائفة السنية التي حكمت تاريخيا حتى ذلك الوقت. وانتماؤهم المذهبي هو ما سيسبب الكثير من المجازر التي تعرض لها أنصارهم بعد سقوط دولتهم ليس في مصر وحدها بل ايضا في تونس قبل ذلك.
كان صلاح الدين وزيرا للخليفة العاضد الفاطمي آخر الخلفاء الفاطميين، ولم يكن صلاح الدين أول وزير سني لمصر، بل سبقه على سبيل المثال لا الحصر، رضوان بن الولخشي، والذي توسع في بناء المدارس السنية لمحاربة المذهب الاسماعيلي الشيعي الذي كان مذهب الفاطميين الحكام.
كان المد السني قويا عندما أصبح صلاح الدين وزيرا وكانت الدولة الفاطمية قد دخلت طور الاحتضار ولم يتبق إلا إعلان الوفاة الرسمي. كان ذلك الظرف مناسبا لصلاح الدين لإنهاء الدولة الاسماعيلية.
يحاول بعض المؤرخين تبرير ممارسات صلاح الدين ضد الفاطميين بالقول إنهم حاولوا استدعاء المحتل والاستقواء به فقام صلاح الدين بذبحهم. المصادر التي تورد ذلك ليست محايدة. وإذا فرضنا صحتها فإنها لا تستطيع تبرير جرائم القتل التي طالت الآلاف من الناس لا لشيء سوى عواطفهم تجاه الفاطميين. فقد جرى ذبح الكثيرين منهم بينما تم تجميع آخرين في مراكز اعتقال صحراوية وتم عزل الرجال عن النساء وتركهم يموتون جوعا تحت لهيب الشمس.. وهو ما سبب ظهور ثورات عديدة ضده.
وبحسب الكاتبة لميس جابر: كان “صلاح الدين الأيوبي مُحاربا وعنيفا جدا. ذبح الفاطميين دون رحمة، وقلب المساجد الفاطمية لمساجد فيه 4 مذاهب”.

مثقفو مصر يكشفون
وفي ندوة عقدتها لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة في مصرأكد باحثون ان صلاح الدين أحرق مكتبة دار الحكمة التى كانت تحوى عشرات الوثائق والمخطوطات ذات الأهمية الكبيرة التى تؤرخ بشكل أفضل لتاريخ الفاطميين، ونجح فى أن يمحى هذا التاريخ تماما من أذهان المصريين والعرب.
وقال المشاركون في الندوة ان الدولة الفاطمية عاشت باعتبارها دولة اسماعيلية شيعية، وعندما كتب "علماء السنة" عن العصر الفاطمى، جاءت كتاباتهم محملة بكثير من الحقد، وطعنوا حتى فى أصولهم ونسبهم.
ورغم ان مصر لم تشهد ازدهارا كالذي شهدته في عهد الدولة الفاطمية بحسب الدكتور محمود إسماعيل فى بحثه: "الفكر الإسلامى فى مصر الفاطمية، مقومات الازدهار، وعوامل الإنهيار"، الا أن "أهل السنة كفّروا الفاطميين، وصنعوا الهوجة التى سار عليها الجميع فى مهاجمتهم".
بل إن شيخا أزهريا اسمه أحمد راسم النفيس قال: "إن صلاح الدين الأيوبى دمر مصر كلها ولم يقم بتدمير تاريخ الفاطميين والشيعة فقط، حيث إن تدميره لمكتبة دار الحكمة والتي كانت تحوى أكثر من 2 مليون كتاب وبيعه لكتب الفاطميين بالبخس يعد بمثابة جريمة حضارية في حق المصريين جميعاً. كما قام (...): "بهدم أهرامات الجيزة، والتي كان عددها 18 هرماً بجوار الأهرامات الثلاثة الموجودة حالياً والتي لم يتمكن من هدمها، مضيفاً أن صلاح الدين قام بتسريح الجيش المصري والإبقاء على فرق الحرس الجمهوري الخاص به". وأضاف: "إن الاستيطان اليهودي بدأ في فلسطين على يد صلاح الدين، مشيراً إلى أنه لم يكن هناك أي يهودي على أرض فلسطين قبل الاحتلال الصليبي للقدس". وقال النفيس: "إن صلاح الدين كان مرتزقاً تابعاً للسلاجقة الأتراك الذين حكموا بغداد، وكانت قبائلهم قائمة على السلب والنهب، مضيفاً أن المقريزي قال إن صلاح الدين هو الذي قام بتحويل الفلاح المصري إلى "عبد قرار" أي لا يملك بيع أو شراء نفسه".


من يكتب التاريخ هم المنتصرون. والأيوبيون هم من كتب تاريخ الفاطميين. ومن الطبيعي أن يحاولوا بكل قوة إخفاء حسنات أسلافهم.. وإخفاء ما تعرضوا له من قتل وذبح أيضا!

الخميس، 11 مايو 2017

قطيع ترامب.. الحلف الصهيوهابي في مواجهة إيران







قاسم شعيب

تعوّد الرئيس الأمريكي الاجتماع برؤساء الدول على انفراد. غير أن ترامب قرر كسر العادة وجَمْع زعامات 17 دولة عربية ومسلمة في العاصمة السعودية الرياض. فالرجل يشعر أنه يتعامل مع قطيع تابع له وليس مع زعماء لكيانات سياسية مستقلة. لا تتعلق المسألة بمسح الوجه العنصري لدونالد ترامب والكره الفائض عنه تجاه الإسلام والذي عكسه ذلك القرار بمنع مواطني أكثر من ست دول عربية ومسلمة من دخول الولايات المتحدة فحسب، بل إن الأمر يتجاوز ذلك إلى خطّة تبدو ملامحها واضحة، وتستهدف إيران بشكل خاص..
تبقى السعودية الدولة العربية الأهّم بالنسبة لواشنطن في الشرق الأوسط، ليس فقط بسبب سيطرتها على احتياطي النفط الأكبر في العالم، بل أيضًا بسبب موقفها الإقليميّ والدينيّ، على حدّ تعبير أحد مستشاري ترامب.
يُظهر السعوديون استعدادات غير مسبوقة لاستقبال رئيس دولة لم يخرج منها إلا الشرّ في تعاملها مع العرب والمسلمين. فهي الدولة المسؤولة عن الحروب المشتعلة في المنطقة من العراق إلى سوريا ومن ليبيا الى اليمن. وهي الدولة المسؤولة عن خراب اقصادات دول عديدة من مصر إلى تونس ومن لبنان الى السعودية ومن باكستان الى السودان والقرن الافريقي الذي انتكس في مجاعات مستمرة بسبب سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الذي لا هدف له إلا اغراق الدول في المديونية وتحويلها إلى بقرة حلوب لعقود طويلة يتم خلالها تدمير التعليم والثقافة والاقتصاد والبنى التحية وفرض تبعية سياسية كاملة.
تجوّل وزير خارجية السعودية بين دول عربية ومسلمة عديدة مثل العراق والأردن ومصر وتونس والجزائر والمغرب وباكستان.. لتوزيع ما يشبه "مذكرات جلب" على عجل. لا يتعلق الأمر بتكريم أمريكي للعرب والمسلمين كما يريد أن يوحي الأمريكيون، بل أن المسألة تتعلق بذهنية الرئيس التاجر الذي فضل التعامل بالجملة مع الرؤوس وليس بالمفرد والمفرّق. فهذا يختصر الوقت ويوفر الجهود.
لم تتوقف مظاهر الخصومة بين الرياض وطهران على مدى أربعة قرون إذا ما استثنينا فترات قليلة. وعندما يختار الرئيس الأمريكي الرياض ليجْمَع فيها حكّام العرب والمسلمين، فإن ذلك لن يكون إلا من أجل الإعلام وإصدار الأوامر، وليس من أجل التشاور كما قد يقال. فالتشاور عادة ما يكون مسبوقا باجتماعات وزارية ودبلوماسية يتم فيهم تداول المواضيع المطروحة والوصول إلى اتفاقات مشتركة قبل اجتماع الرؤساء. وهذا ما لم يحدث كما هو واضح من هرولة الوزير السعودي نحو العواصم لتوزيع دعواته على "المعازيم" للعريس ترامب الذي انهى بالكاد مائة يوم في البيت الأبيض.

يتساءل المُستشرق الإسرائيليّ، يوني بن مناحيم، من "المعهد الأورشليمي للدراسات والأبحاث السياسيّة" في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقع المعهد، عن مغزى اختار ترامب أنْ تكون أوّل زيارةٍ له إلى خارج الولايات المُتحدّة لكلٍّ من السعوديّة وإسرائيل، وهما الدولتان اللتان تسعيان بقوة لإقناع صنّاع القرار في واشنطن بتشديد الضغط على إيران وتجديد العقوبات حتى إلغاء الاتفاق النوويّ المُوقّع معها، باعتبارها الدولة "الراعية للإرهاب" في الشرق الأوسط، حسب يزعم أركان الحكم في تل أبيب والرياض.

لا نظن أن صيغة هذا السؤال صحيحة. فترامب أعلن منذ حملته الانتخابية أنه سيراجع الاتفاق النووي مع إيران ولم يتوقف عن مهاجمتها في كل مناسبة. وهذا يعني أن توجه ترامب ليس بسبب ضغوط السعودية وإسرائيل. بل إن هناك قرار أمريكي باستهداف إيران عبر السعودية وإسرائيل. إن من يقرر الاستراتيجية الأمريكية لا يقبع لا في الرياض ولا في تل أبيب، بل إنه يعيش في الظلام فيما يعرف بالمؤسسة ومهمته هي إصدار الأوامر بشكل أو بآخر للرئيس الأمريكي وإدارته التي لا مهمة لها سوى التنفيذ. فالمؤسسة هي التي تضع استراتيجية الدولة والإدارات تنفّذ.

وقد سبق لهنري كيسنجر أحد رؤوس المؤسسة الحاكمة وماسكي خيوط اللعبة أن صرّح لجريدة "ديلي سكيب" الأمريكية أن الشباب الأمريكي والأوروبي قد تلقوا تدريبات جيدة خلال القتال في السنوات العشر الماضية، وعندما ستَصدر لهم الأوامر بالخروج إلى الشوارع لمحاربة تلك "الذقون المجنونة"، حسب تعبيره، فسوف يطيعون الأوامر ويحولونهم - يقصد المسلمين- إلى رماد. وقال أيضا إن "أمريكا وإسرائيل قد جهزتا نعشاً لروسيا وإيران، وستكون إيران هي المسمار الأخير في هذا النعش، بعدما منحتهم أمريكا فرصة للتعافي والإحساس الزائف بالقوة. بعدها ستسقطان للأبد، لتتمكن أمريكا "الماسونية" من بناء مجتمع عالمي جديد، لن يكون فيه مكان سوى لحكومة واحدة تتمتع بالقوة الخارقة".

ومن هنا فإن تأكيد المُستشرق الإسرائيليّ على أنّ الرئيس الأمريكي يصل للشرق الأوسط من أجل بناء "الشراكة الإستراتيجيّة" من جديد مع "المحور السنيّ" في مواجهة ايران وحلفائها بعد الزيارات التي أداها الأمير السعودي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الاردني الى واشنطن..
كان أوباما قد فضّل زيارة مصر في بداية ولايته الأولى. لم تكن المواجهة مع إيران مطروحة آنذاك. لكن الأمر يختلف اليوم. والسعودية المستعدة لفعل كل ما يطلب منها، يريد لها ترامب وإدارته أن تكون المنصّة لاستهداف إيران وهو الأمر الذي عبّر عنه محمد بن سلمان بوضوح حين قال: "يريدون السيطرة على العالم الإسلامي، وأن منطقهم تحضير البيئة الخصبة لحضور المهدي المنتظر"... "السعودية هدف رئيسي للنظام الإيراني. ولن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل سنعمل لكي تكون المعركة عندهم في إيران وليس في السعودية". 
إن محاربة داعش والإرهاب الذي أُعلن مبرّرا لزيارة ترامب إلى المنطقة العربية وأوروبا ليست إلا كذبة مفضوحة، فترامب نفسه قال إن أوباما هو من أنشأ داعش.. هو ذاهب لتوحيد الديانات الثلاث؛ الوهابية واليهودية والكاثوليكية كما قالت تلغراف ضد ايران لمهاجمتها من الداخل ومن الخارج في وقت واحد..
لا يمكن للسعودية التي يحرضها الأمريكان أن تتوهم النجاة إذا ما قررت مهاجمة إيران أو اللعب على مشاكلها الداخلية من خلال دعم المعارضة.
حاول الإيرانيون على مدى الشهور الماضية تهدئة الخطاب وإبداء الاستعداد لتحسين العلاقات. لكن ذلك لا يقابل بالمثل. وجاءت تصريحات قادة الحرس الثوري تتهم بوضوح إسرائيل والسعودية بمحاولة زعرعزمة الاستقرار في إيران. وقد أكد رئيس الأركان الإيراني اللواء محمد باقري، في وقت سابق أن القوات المسلحة الإيرانية جاهزة "للرد والردع"، وأن التهديدات التي توجهها بعض الدول إلى إيران لا تشكل أي مصدر قلق لبلاده. وهذا يعني أن الايرانيين يعون جيدا ماذا يدبّر لهم ويتّخذون احتياطاتهم اللازمة لمواجهة الموقف في أي لحظة.
يأتي ترامب إلى السعودية محمّلا باتّفاقات على صفقات سلاح كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، من بينها منظومات أسلحة حديثة للجيش السعوديّ، وعازما على وضع حجر الأساس للمحور الصهيوهابي الأوسع لمواجهة إيران وحلفائها.
لم تعد العلاقات الدبلوماسية العربية الصهيونية خفية، وبات اللعب الآن على المكشوف. بل أن الامر تجاوز مجرد علاقات دبلوماسية إلى بناء خط لسكك الحديد حسب خطّة وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيليّ، يسرائيل كاتس، القاضية بربط دول الخليج العربيّ عن طريق الأردن بتلك السكّة الحديديّة، وهي الخطّة التي تحظى بدعمٍ كاملٍ من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وإدارة ترامب.
يسابق الأمريكيون والصهاينة وتابعوهم الزمن من أجل تسريع تنفيذ خططهم في توسيع نار الحرب تمهيدا لإعادة تقسيم المنطقة على أسس عرقية ودينية وطائفية. والمدهش هو الانخراط العربي الأعمى في مشروع يستهدف كياناتهم ذاتها والتي كانت نتيجة لاتفاقات سايكس بيكو. إن ذلك لا يفسره شيء سوى أنهم ليسوا عربا وأنه تم فرضهم في غفلة من شعوب المنطقة لتمرير أجندات تفضح نفسها كل يوم.