السبت، 18 مارس 2017

الإيمان وقيم الإنسان



قاسم شعيب

الكفر بالطاغوت يقابله في القرآن الكريم الإيمان بالله: "فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله"[1].. والطاغوت هو الخارج عن كل القيم. اما الله فهو الذي يتصف بكل القيم. والمؤمن الملتزم بالقيم لا يمكنه ان يوالي الطاغوت الذي لا قيم لديه.. "لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ"[2].
العدل قيمة والعلم قيمة والاحسان قيمة والعفو قيمة والسلام قيمة والرحمة قيمة والقوة قيمة والكرم قيمة والحرية قيمة... وكل أسماء الله قيم لا يملك منها الطاغية شيئا.
يصبح المؤمن هو المتصف بهذه القيم أو بعضها.. والكافر هو من لا يملك من هذه القيم شيئا لأن الكافر هو من آمن بالطاغوت -بشرا او حجرا- واقتدى به، بينما المؤمن هو من آمن بالله وأطاعه: "وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ [أي: يوالي الكافر] فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ"، لأن ذلك يعني ضرب كل القيم.. لتنتشر سفاهات الطاغوت بدل ذلك.
تصبح الحرية الحقيقية كامنة في طاعة الله لأن طاعة الله تعني الالتزام بالقيم. والعبودية الحقيقية كامنة في الخضوع للطاغوت لأن الخضوع له انتهاك لكل القيم. فإذا كان الولاء لله والمؤمنين يعني العلم والعدل والاحسان والسلام... فإن الولاء للطغاة والكفار يعني الجهل والظلم والإساءة والحرب..
والامانة التي حملها الإنسان هي القيم المستمدة من الإيمان بالله وطاعته. حملها الإنسان - باختياره - دون أن يقدر استحقاقاتها، فكان كما وصفه القرآن ظلوما جهولا..
من هنا تحذير الآية الكريمة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"[3]. فهي تقول ان هؤلاء الناس فقدوا إيمانهم لأن دينهم تعرض للتزوير والتلاعب. دخل يهودا وبولس على الخط فصنع الأول اليهودية وصنع الثاني المسيحية المتداولتين منذ غياب موسى وعيسى..
والمسألة لا تتعلق فقط بالأديان المحرفة التي ذكرتها الآية، بل تشمل كل الأفكار والإيديولوجيات والأديان الوضعية التي اخترعها المترفون وأدواتهم لإخضاع الناس. ثم أصبحت مقدسة مع الزمن. فالكفر متعدد. أما الإيمان فلا يتعدد، لأن الله واحد. والأوثان كثيرة..
المسألة ليست تاريخية انتهت وولى زمانها، بل هي مستمرة في التاريخ مادام الإيمان هو الإيمان والكفر هو الكفر..




[1] البقرة، 256.
[2] آل عمران، 28.
[3] المائدة، 51.

ليست هناك تعليقات: