الأحد، 9 أبريل 2017

الساعة الصفر لم تحن بعد!






قاسم شعيب


في ظرف وجيز وبشكل متواتر، زار البيت الأبيض كل من محمد بن سلمان وحيدر العبادي وعبد الفتاح السيسي وعبد الله الثاني. أي أن قيادات السعودية والعراق ومصر والأردن تجمعوا هناك. في الوقت نفسه، كان صهر ترامب اليهودي وكبير مستشاريه كوشنير يزور العراق، الذي مسحه من الجو، ويعلن أن شراكته في العراق دائمة.
وسط هذا الزحام أمام البيت الأبيض، جاءت الضربة الأمريكية ضد مطار الشعيرات، في ذكرى تأسيس حزب البعث. ليس في الأمر صدفة. ودلالاته واضحة. فقد تم إسقاط النظام البعثي الآخر في العراق في المناسبة نفسها.
أرسل الامريكيون 59 صاروخا من نوع توماهوك، لم يسقط منها سوى 23 صاروخا في المطار المستهدف، ولم تظهر الصور المتداولة أضرارا حقيقية! أما بقية الصواريخ، فقد تم التعتيم على مصيرها. هل سقطت في البحر؟ أم هل أسقطها الروس؟ أم هل استهدفت مواقع أخرى؟ لا أحد يعرف غير أصحاب الشأن. بل إن هناك من يقول إنها لم تكن صواريخ توماهوك العالية الدّقة والشّديدة التفجير، بل كانت صواريخ كروز قديمة! وفي كل الأحوال، كانت الضربة رمزية. لكنها كانت اعتداء له أهدافه.
قالت تيريزا ماي "إن الضربات جاءت لردع نظام الأسد لكي لا يعود لمثل هذه الأفعال". وقالت وزارة الدفاع الأمريكية أن "الـ 59 صاروخا أرسلت لتقليص إمدادات الأسد الكيماوية". ولا نشك في عدم مصداقية هذه التصريحات لأنه لا دليل على أن الأسد استخدم الكيمياوي ولو كانت هناك شكوك حقيقية لوقع انتظار نتائج التحقيق الدولي.
ليس المقصود سوريا وحدها بما يجري، بل هناك مشروع كبير يُحضّر للمنطقة. والذين تم استدعاؤهم إلى البيت الأبيض هم جزء من تمشية المشروع قبل التخلي عنهم. يحتاج هذا المشروع إلى حرب كبيرة للبناء على أنقاضها. إذ لا يمكن البناء في مكان قبل هدم ما عليه.
يعلم الروس والأمريكان والإسرائيليون أن هناك حربا إقليمية كبرى تتحول إلى حرب عالمية بناء على مخططات استراتيجية ونبوءات دينية يهودية ومسيحية أهمها رؤيا دانيال. فالغرب والروس والصهاينة صدقوا تلك النبوءات وبنوا مخططاتهم على أساسها. وهذا واضح لمن يتابع تصريحات السياسيين ورجال الدين الغربيين والروس واليهود. وآخرها تصريح زعيم الحزب الشيوعي في روسيا وغانوف يوم 7/4/2017 عندما قال: "ندعو الشباب للاستعداد للحرب المقدسة في سوريا للدفاع عن كرامة روسيا"! وقبله تصريح الكنيسة الارتودوكسية الروسية في بداية التدخل الروسي في سوريا عندما قالت "إن التدخل الروسي في سوريا هو تدخل مقدس في حرب مقدسة"..
يعتقد اليهود في خروج مسيحهم ليكون ملك العالم وهم يعملون للتمهيد له بما يملكونه من مال وسلطة ونفوذ على أكبر القوى في العالم: أمريكا وروسيا وأوروبا..
تزامن ذلك كله مع تعيين سفير أميركي يهودي في إسرائيل قال إنه يريد العمل في سفارة الولايات المتحدة في القدس مذكرا بوعد الرئيس ترامب بنقل السفارة إلى القدس تمهيدا لإعلان ولادة الدولة اليهودية والشروع في تهجير جزء من فلسطينيي الداخل نحو الأردن والمنطقة الغربية في العراق بموافقة زعماء عراقيين مقابل مناصب ومغانم وبمساعد ملك الأردن الذي كان أحد المدعوين إلى البيت الأبيض الذي يريد أن يكون شريكا استراتيجيا في مشروع الدولة الدينية اليهودية. هذا الأمر طرح على العبادي في زيارته لواشنطن كما طرحت عليها مسائل الاعتراف بإسرائيل وحل الحشد وإيفاء الديون..
إن ما يحرك السياسات الكبرى والإستراتيجية الأمريكية والأوروبية هو الدولة العميقة أو المؤسسة التي يمسك خيوطها جميعا اليهود. فهم من يخطط والإدارات المتعاقبة ليس لها سوى التنفيذ مع هامش محدد من التصرف في القرارات غير مؤثرة. وهنا يمكن أن نقرأ الضربة الأمريكية على مطار الشعيرات.
أخطر الأمريكان الروس بالضربة. والروس بدورهم أخبروا السوريين، فتم إخلاء المطار، ولم تكن للضربة تأثيرات أو خسائر كبيرة. كانت ضربة متوقّعة ومحدّدة كما قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، مما يوحي بوجود اتفاق روسي أميركي لتجاوز الفيتو الروسي في مجلس الأمن.. فترامب يريد الظهور بمظهر القوي أمام بوتين. ولا يريد فيتو روسي. كانت الضربة رمزية لاا أكثر، الهدف منها القول للعالم أن أمريكا هي من يرسم الخطوط الحمر، وإرسال رسالة إلىى المعارضة لإسكاتها وإيقاف الصوت المتعالي ضد واشنطن الصادر عنها وعن حلفائها والقول إن الإدارة الأميركية جادة ضد النظام السوري.
أرادت الإدارة الأمريكية اختبار ردود الفعل العالمية لقياس مدى مصداقية الدول حتى تضع تحالفاتها الجديدة ضمن الاستراتيجية التي يتم العمل عليها التي يسمونها الإستراتيجية الكونية التي يريدون من خلالها تأسيس مستعمرة الشرق الأوسط: إسرائيل الكبرى.
أظهرت الضربة الدول المؤيدة التي ستكون في مقدمة الأنظمة التي ستحارب مع أمريكا في الحرب العالمية الثالثة، حسب صحيفة اكسربس البريطانية، وهي كل من أستراليا وتركيا واليابان وإسرائيل وإيطاليا وألمانيا والسعودية التي أشادت بقرار ضرب سوريا.
كما أن دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي، وجان كلود جانكر، رئيس المفوضية الأوروبية أيّدا الضربات الأمريكية وهو ما يعني تأكيد موقع أوروبا ضمن الحلف الأمريكي.
وفي المقابل أدانت الضربة كل من روسيا وإيران وكوريا الشمالية وبعض الدول من أمريكا الجنوبية وغيرها. بينما كان الموقف الصيني غامضا.

كانت الضربة إعلانا أمريكيا أن سوريا تقع ضمن الاستراتيجية الكونية وأن الروس عليهم أن يفهموا ذلك إذا لم يفهموه حتى الآن. كانت ضربة سريعة ورمزية لأن الساعة الصفر لم تحن بعد. فالدخل في حرب لإسقاط الرئيس السوري ونظامه يعني مباشرة اندلاع الحرب في كل المنطقة لأن الروس والإيرانيين حلفاءهم لن يسكتوا على استهداف حليفهم السوري.  

ليست هناك تعليقات: