الاثنين، 26 ديسمبر 2016

حروب الجيل السابع.. تكنولوجيا التحكم في العقول ومشاهد العنف المتنقل





قاسم محمد


تتسارع مشاهد العنف والإرهاب التي تتناقلها شبكات التلفزيون ووكالات الأنباء. والخيط الرابط بينها جميعا إظهار الاسلام دينا دمويا لا يخرِّج سوى إرهابيين. من مشهد اغتيال السفير الروسي في أنقرة إلى صور اغتيال المهندس التونسي في صفاقس وصولا إلى عملية دهس مواطنين في برلين.. كان هناك دائما طرفا مسلما، هو في الغالب الطرف القاتل. وعندما يكون هو الطرف المقتول، فإن تهمة الإرهاب تلاحقه دائما ليقال إنه قُتِل لأنه إرهابي.
تبدو التحاليل، التي يلقيها، عبر شاشات التليفزيون، إعلاميون وكُتّاب ومُخْبِرون، سطحية وبسيطة ومكررة. لا حديث عن الخيط الرابط بين كل تلك العمليات. ولا بحث في جهة مفترضة لها أهداف كبيرة تحرك من أجلها الإرهاب على مستوى العالم وتجعل مسرحه أكثر مناطق العالم حيوية وأهمية؛ شمال المتوسط وجنوبه. ولا إدراك أن أكثر ما نعايشه من قتل ومعارك وعمليات إرهابية واغتيالات يشكل منظومة حرب متكاملة تعتمد غسل العقول وتشتيت الأذهان من خلال المشاهد الدموية والأخبار الصادمة. كل ما هنالك حديث عن التطرف الديني وضرورة محاربته وكل ذلك الكلام القديم.
تكثيف المشاهد الدموية سواء كانت حقيقية أو مسرحية هدفه شل قدرة المتلقي على التحليل والتمييز ليضيع المتابع في تفاصيل يومية تتشابه حينا وتتنوع أحيانا. وشل القدرة على التحليل ليس هو الهدف الوحيد بل هناك أهداف أخرى أكبر من ذلك بكثير وهي إسقاط الناس في دائرة الإحباط وكره الذات واتهام الثقافة الخاصة والخروج عن كل ما هو قيم وأخلاقيات ودين.
لم يعد الإسلام، المستهدف بقوة، دينا عقلانيا وإنسانيا وساميا في أعين الجاهلين بحقيقته، بل بات عنوانا للإرهاب والعنف والتخلف. وعندما يتم انتقاء شباب، عرف عنهم الانحراف ولكنهم يحملون صفة العربي المسلم، ليتم استخدامهم في قتل الناس، فإن ذلك يعني أن الهدف تدمير صورة هذا الاسلام الذي يحملون عنوانه. 
يمارس الإعلام بمختلف أدواته أساليب البرمجة العصبية لاقتحام العقل الباطن للمتلقي وإلقاء مجموعة ضخمة من الأفكار والمواقف والأوهام المدمّرة التي تصبح مع الوقت الحقيقة التي لا شك فيها، ليتحول الناس، بذلك، إلى مجموعة من الدمى التي يتم التلاعب بها والتحكم فيها بيسر وسهولة.
غير أن الإعلام لا يمثل سوى جزء من الأدوات التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية ومن يحكمها خلف الستار، فهي تمارس شكلا آخر أكثر خطورة هو ما يسمونه حروب الجيل السابع التي تحاول جر العالم إلى واقع هولوغرامى خيالى يتم التحكم فيه بدقه.
تختلف حروب الجيل السابع عن حروب «الكيمتريل» أو الحروب البيولوجية، التى يتم من خلالها استحداث أنواع من الميكروبات والفيروسات والغازات السامة وغاز الأعصاب على نحو ما حدث إبان حرب الخليج الأولى، عندما ظهر "مرض الخليج". كما تختلف عن الحروب التى تعتمد اصطناع الكوارث الطبيعية كما فعلوا في اندونيسيا حين تسببوا لها في زلازل وتسونامي.. وتختلف أيضا عن تلك التي تهاجم، عن بُعد، مواقع محدّدة من أجل تدميرها بشكل شامل.
تستهدف حروب الجيل السابع عقل الإنسان بشكل أساسي من أجل السيطرة عليه من خلال استخدام وسائل كثيرة مثل شبكة الأقمار الصناعية المنتشرة فى مدارات الكرة الأرضيّة، التى تقدر أعدادها بالملايين، والتى تستطيع التحكم عن بُعد فيما عُرف بشرائح التحكم البشرى أو RFID و Bio chip.
وشريحة الـ Bio-chip، مثلا، تزرع في معصم اليد اليمنى أو الجبين. وهي ليست فقط بديل عن بطاقة الهوية الشخصية، بل تزرع أيضا من أجل السيطرة والتحكم البشري. وهذه الشريحة هي في حجم حبة الأرز تقريبا إذ يبلغ طولها 11.5 مليميتر.
وقد قامت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بتجربتها فعليا على قرابة مليارى شخص، وقد نجحت التجربة بطريقة جعلت الولايات المتحدة تخطط لتعميمها.. بل إن هناك قرارا بأن تشترك تلك الأقمار مع منظومة "إيشلون" للتجسس حول العالم وغيرها من مشاريع القرصنة الحديثة المتعددة، كالقرصنة البيولوجية أو Bio-Hack.
أصبح الإنسان جزءً من منظومة معلوماتية لا معنى للخصوصية فيها. ومن أجل أن تعمل المنظومة لا بد أن يُسجَّل الإنسان باعتباره وحدة ذات رقم تسلسلي، فكل إنسان له تردد كهربي حيوي مستقل عن غيره في المخ، تماماً كما البصمة. والذين تتم زراعة الشريحة في أجسامهم برقم معين، يتم تسجيلهم في مركز يسمى المركز العالمى لتتبع البشرية. وهذا المركز مسؤول عن تخزين بيانات جميع الأشخاص الذين قاموا بزراعة الشريحة داخل أجسادهم، وتتبع خط سيرهم، وتحديد أماكنهم في أية لحظة.
ومن خلال الأقمار الصناعية التجسسية يمكن تصوير الأشخاص حتى داخل المباني والتقاط أصواتهم، كما يمكن قراءة أفكار الأشخاص المزروع لهم الشريحة، بل والسيطرة عليهم كهرومغناطيسيا.
غير أن هناك قدرة مرعبة أخرى للأقمار الصناعية وهي التلاعب بعقل الشخص بواسطة "رسالة" صوتية خفية، وهو صوت ضعيف جداً لا يمكن أن تسمعه الأذن بشكل واعٍ ولكن يستقبله العقل اللاواعي، من أجل دفع الشخص إلى القيام بأي عمل يُراد منه.
وعلى هذا النحو تعتمد حروب الجيل السابع على شرائح أو رقاقات التحكم في البشر. وهى رقاقات يتم إدخالها إلى الجسم بواسطة قاذف لتخترق الجسد دون شعور بالألم. وتستهدف المكان المخصص لها بحسب ما تم برمجتها عليه، مما يعني سهولة زراعتها دون علم الإنسان. فالرقاقة المصنعة بتقنية النانو تحتوي على مكثفات كيميائية وبلاستيك مهجن يشبه المُصل.
أما غلاف الرقاقة، فهو معالج بالهندسة البيولوجية. وتعمل المكثفات الكيميائية كالبطارية. والبلاستيك، المهجن مع الدوائر ليكون جهاز إرسال واستقبال، متوافق مع أنسجة الجسم.
وتلك الشريحة، التي لا يمكن اكتشافها إلا بأشعة الرنين المغناطيسي، يمكن تفجيرها بواسطة جهاز مؤقت داخلي أو بأمر خارجى. بل إنه من الممكن إرسال أوامر صوتية عبر الترددات إلى مركز السمع في الدماغ وتخزين المعلومات.
وهكذا، تستهدف تقنية زراعة الرقائق السيطرة المباشرة على المخ وإعاقة التفكير وشل التركيز، ولأجل ذلك تتم زراعتها في الأذنين والجبين، رغم أن ذلك قد يسبب إصابة الضحية بحالة انفصام في الشخصية. أما زراعتها في مراكز الإبصار فيشوش الرؤية وقد يسبب العمى. ويكون تأثير تلك الرقائق بحسب برمجتها، إذ من الممكن تعبئة المخ بأفكار معينة أو دفعه إلى الانتحار أو جره إلى قتل آخرين. 
والأجيال الجديدة المصنعة من شريحة الميكرو تشيب، استخدمت فيها تقنية النانوتكنولوجى وتقنية الميكروتشيب، ويصل قطرها خمسة ميكرومليميترات. أي عشر قطر شعرة من الرأس التي تقدر بخمسين ميكرومليميترا. والمليميتر يساوي 1000 ميكرو ميتر.
توجد في الدماغ البشري مناطق ترتبط ارتباطاً بشكل وثيق مع اتخاذ القرار، مثل قرار القبول أو الرفض. كما توجد مناطق ترتبط بالتحكم في السلوك. وتلك المناطق موجودة في الفص الجبهي وأمكن الكشف عنها بواسطة الفحص بطريقة خاصة بالرنين المغناطيسي.
وبذلك أصبح من الممكن السيطرة على قرار شخص بعد أن أمكن إيجاد وسيلة تساعد على التحكم في هذا الجزء من الدماغ. والبايوتشيب Bio Chip التي تُزرع في الجبين، تنسجم مع أنسجة الجسم، فكلمة bio تعني حيوى. تصبح المهمة الرئيسية هي ربط هذه المنطقة من الجسم بمراكز التحكّم عن طريق الأقمار الصناعية والتوجيه عن بعد، وبذلك يتم إقناع كل البشر الذين تمت زراعة تلك الشريحة بجباههم بأي أمر كان، حتى لو كان الأمر يتعلق بإيمان الشخص وعقيدته. وليس فقط بقناعات فكرية أو سياسية.
توصف الحروب الجديدة بالحروب اللاتماسية. فهي تستخدم الإنسان أداة للقضاء على الأنظمة السياسية من خلال تحريك الشعوب ذاتها بإشعال ثورات داخلية تُحدث التغيير دون أي تدخلات مباشرة.
وهذه الشرائح، التي تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية، يجعلها منها الدولة الأكثر انتهاكا لحقوق الأفراد وخصوصياتهم. بل إن ذلك يؤكد حقيقة أنها الدولة الأولى الراعية للإرهاب عبر العالم. فهي بذلك قادرة على افتعال أيه أعمال قتل أو إجرام أو اغتيال أو تفجير في أي مكان من العالم.
ومن المهم الوعي بخطورة هذه التقنية التي يمكنها أن تحوِّل حياة البشر إلى كابوس دائم كما تفعل الولايات المتحدة من خلالها. فنحن نرى كل يوم كيف تتوالى الأعمال الإرهابية وكيف يتم جر دول بأكملها إلى مستنقعات الحروب من أجل استنزافها وتدميرها من خلال افتعال تلك الأعمال.
ولا شك لدينا أن محاولة تعميم هذه التقنية في العالم كله من خلال زرعها في جباه المواليد الجدد يعني إصرارا أمريكا على التحكم المباشر في البشر جميعا ليصبح الناس عبيدا للنظام العالمي الجديد المزعوم الذي تمهد له القوى المهينة في هذا العالم. فالأمر لم يعد خيالا علميا أو فنتازيا ساحرة. بل إنه يتحول، يوميا، إلى واقع.


الخميس، 22 ديسمبر 2016

صورة النبي في روايات البخاري







قاسم شعيب


لم يخترع الذين كتبوا في سيرة النبي من المستشرقين والمستغربين أشياء من خيالهم عندما أرادوا الإساءة إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم. بل هم كانوا يلتقطون، في الغالب، روايات مختلقة أحيانا، ومزوّرة أحيانا أخرى، مثبتة في كتب الحديث والسيرة من أجل أن يطلقوا شتائمهم نحو خاتم النبيّين.
لم يكن الهمّ المعرفي هو المسيطر على المستشرقين وتوابعهم من العرب والعجم عندنا، بل إن هؤلاء، في معظمهم، وربما كلهم، كانوا ولا يزالون، مرتبطين بأنظمتهم الاستعمارية وأجهزة مخابراتها. لم تكن المسألة المعرفية حاضرة لديهم إلا بمقدار ما يخدم مخططاتهم في مسخ عقول العرب والمسلمين وتشكيكهم في دينهم تمهيدا للسيطرة عليهم ونهب ثرواتهم.
يظهر القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم شخصا على خلق عظيم. إنسان كامل يحمل كل صفات الجمال. كان النبي رؤوفا سمحا عطوفا، صاحب عقل كبير. ولم يكن يلجأ للحرب إلا دفاعا عن النفس. ومع أن المنافقين كانوا محيطين به في المدينة وحولها، وكان يعرفهم، إلا أنه لم يطردهم ولم يستهدفهم ولم يحرمهم شيئا.
ونسبة أعمال وحشية للنبي وأخرى مناقضة للأخلاق والدين لم يكن إلا حلقة لصناعة إسلام ضد الاسلام، أي صناعة إسلام متوحش بلا عقل ولا أخلاق، يتكرر في كل مرحلة تاريخية.

رجل مبهم

البخاري (شوال 194 هـ - شوال 256 هـ) هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزبَه الجعفي البخاري. وقد اختلف المؤرخون حول أصله فأخذ بعضهم برواية أبو أحمد بن عدي الجرجاني في كتاب "الكامل" أن جدّه الأكبر بردزبه كان فارسي الأصل، عاش ومات مجوسيّاً. أمّا جدّه المغيرة فقد أسلم على يد والي بخارى: يمان المسندي البخاري الجعفي، فانتمى إليه بالولاء وانتقل الولاء في أولاده، وأصبح الجعفي نسباً له ولأسرة البخاري. وقال آخرون أنه عربي أصله من الجعفيين. وذكروا أن جدّه الأكبر هو الأحنف الجعفي.
فهو إذن شخص مبهم، ولا يوجد اتفاق حول أصله ونسبه. ورغم الشهرة الواسعة التي نالها، إلا أنه يبقى شخصا مجهولا كما هي حالة الكثيرين من زعماء الدين والسياسة.
كل ما نعرفه من أصله الفارسى أنه ابن بردزبه. اكتسب ولاء عربيا واسما عربيا كما هي العادة في ذلك العصر العباسى. ليس فى ترجمته التي أوردها الذهبي في "سير أعلام النبلاء" معلومات عن نشأته وأسرته وحياته الاجتماعية عدا عن رواية أو اثنتين عن عَمَاه وردّ بصره، وحفظه الحديث في الكُتّاب. كل ما هنالك أسماء من سمع منهم الحديث، وأسماء من سمعوا منه الحديث، ومؤلفاته. وهي معلومات قليلة لا تناسب شهرته العريضة والطاغية، ولا تتناسب مع المعلومات الكثيرة التى تملأ صفحات عن علماء أقل منه شهرة وعاشوا قبله وبعده. بل وعاشوا قبل التدوين، ومع ذلك قامت الروايات بتفصيل حياتهم لأنها كانت مشهورة ومعروفة وتحت أعين الناس. إن الباحث المنصف لا يمكنه أن يقارن ترجمة الحسن البصرى، مثلا، فى العصر الأموى قبل شيوع التدوين والتى ازدحمت صفحاتها بالتأريخ له، بترجمة البخارى. ولا يمكن أن يقارن ترجمة سعيد بن المسيب المطولة ببضع صفحات يسيرة فى ترجمة البخارى. ولا شك أن المقصود هنا هو الترجمات الأولى لشخصية البخارى، أي تلك التى كتبها من أدركه أو أدرك عصره، لأن من اللاحقين، ممن جاء بعد البخاري بقرون ووصل به الأمر إلى مستوى التقديس، كتب فى "مناقب البخارى" أشياء يعجب منها إبليس.
ليس من الطبيعي أن يعيش البخارى فى أكثر العصور تدوينا وكتابة ثم لا يحظى بترجمة تناسب عصره وشهرته التى طغت وانتشرت بعد وفاته. ظهر البخارى فجأة وهو يحمل ولاء عربيا واسما عربيا من أجل خدمة أهداف، اعتبرها كثيرون مشبوهة، الضحية فيها هو الإسلام ونبيه.
كان البخاري جزء من التيار الشعوبي الذي ظهر حينها والذي كان همّه إفساد الإسلام من خلال وضع أحاديث ومرويات كاذبة نشرها تلامذة الهيثم بن عدى. مات الهيثم بن عدى، الذي كان هواه مع الخوارج كما قال ابن خلكان في وفيات الأعيان، سنة 207هـ، حسيرا مجهولا، لكن تلميذا له نجح، وأصبح رجلا مقدسا لدى رعاع المسلمين حتى الآن، رغم أنه مات سنة 256 هجرية. هذا التلميذ هو ابن بردزبه المشهور بلقب "البخارى" نسبة إلى إقليم بخارى فى خراسان التي كانت أشد مناطق فارس تعصبا ضد العرب والإسلام.
ورغم أننا نتفهم المعاناة والظلم الذي تعرضت له تلك البلاد التي فتحها الأمويون والعباسيون، إلا أن ردة الفعل ضد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام لم تكن في محلها. وهي إما أن تكون صادرة عن جهل كامل بالإسلام في حقيقته، والتوهم بأن الأموي والعباسي يمثلونه، أو أن تكون ناتجة عن حقد دفين ضد الإسلام ذاته رغم معرفة المهاجمين لحقيقته المتسامحة والرافضة للممارسات الظالمة لبني أمية وبني العباس وأشباههم.

الرواية عن منحرفين

لم يرو البخاري ولو حديثا واحدا عن الإمام جعفر الصادق الذي توفي سنة 148 هـ، والذي كان محل إعجاب وتقدير كلِّ من عرفه، والذي حضر دروسه الآلاف من الطلاب ومنهم مالك بن أنس وأبو حنيفة النعمان.. وفي المقابل لم يتورع عن الرواية عن بعض النواصب والخوارج، ممن ثبتت عداوتهم لأهل البيت مثل إسحاق بن سويد وحريز بن عثمان وزياد بن علاقة الثعلبي وزياد بن جبير الثقفي ومقاتل بن سليمان والمغيرة بن شعبة وعكرة وداوود بن الحصين وعمران بن حطان.. وهذا ما يضاعف الشكوك حول أهداف البخاري المتوخاة من كتابه.
ورغم أن ابن تيمية برّر ذلك بقوله: وقد استراب البخاري في بعض حديثه - الإمام جعفر بن محمد الصادق- لمَا بلغه عن يحيى بن سعيد القطان فيه كلام. إلا أنه تبرير أقبح من ذنب، لأن الإمام الصادق كان معلّم المحدثين والمتكلمين والفقهاء وكان معروفا لدى الجميع بعلمه وأخلاقه. وتكفي فيه شهادة مالك وأبي حنيفة رغم أنه في غنى عن شهادة أي أحد فيه.  والإمام الصادق ليس الوحيد الذي لم يرو عنه، بل إنه لم يرو أيضا عن أئمة أهل البيت الحسن والكاظم والهادي والعسكري المعاصر له.. وكلّهم في الفضل سواء كما يشهد لهم من عرفهم.
يفتقر كتاب "الجامع الصحيح" إلى التنظيم مقارنة بكتب أخرى في الحديث والتاريخ كتبت في العصر ذاته الذى عاش فيه البخارى مثل "طبقات ابن سعد" و"صحيح مسلم" والتي جاءت أكثر ترتيباً وتنظيماً وتبويباً.
لكن تلك الفوضى لا يبدو أنها كانت عبثية. فهو يوزّع أحاديث معينة بطريقة خاصة لتتبعثر خلال أكوام من الأحاديث الأخرى التى يبدو ظاهرها حسناً، لكنه في الحقيقة يخفي فيها عقيدته الخاصة ورؤيته التي تتضمن تشويها لصورة النبى. إن اغتيال شخص بالسم لا يتم بأن تطلب منه أن يشرب قليلا من أجلك، بل تدس له السم في ما يأكل أو يشرب.

شراء رضا السلاطين

 روى البخارى عن أبي هريرة وأنس وعائشة وغيرهم أحاديث تحث على طاعة السلطان ـ أي سلطان ـ وبذلك ضمِن البخارى أن يتمتع كتابه في كل عهد برعاية السلطة الحاكمة، فكل خروج على الحاكم، مهما كانت أسبابه وجيهة، فتنة وشق لعصى الطاعة وتفرقة للجماعة..
في باب الصبر على جور الأئمة وترك قتالهم والكف عن إقامة السيف، الحديث 3193 يورد البخاري عن ابن عباس قوله : "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية، وفي لفظ: من كره من أميره شيئا فليصبر عليه فإنه ليس أحد من الناس خرج من السلطان شبرا فمات عليه إلا مات ميتة جاهلية".
وفي الحديث رقم 3194 يورد: "عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي ويكون خلفاء فيكثرون، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: فُوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم".
إن البخاري بهذا الحديث، وما يشبهه، يريد إخضاع الجميع للحاكم مهما بلغ ظلمه ومهما كانت ممارساته فالبيعة له واجبة والوفاء بها واجب والميتة بلا بيعة للسلطان، مهما كان ظالما، ميتة جاهلية. البخاري بهذه الروايات يشترى رضا السلاطين عليه عبر التاريخ ليصبح كتابه في النهاية الكتاب المقدس لدى رعاع المسلمين، مقدما حتى على القرآن نفسه.

الإساءة إلى النبي في أخلاقه

ينسب البخاري حديثا إلى أم حرام، التى ادعى البخارى أن النبى كان يدخل عليها وينام عندها، وهي متزوجة. وبعثره البخارى في مواضع شتّى في كتابه ورواه بصور مختلفة، بحيث يبدو واضحاً أنه كان ينتهز أي فرصة ليرويه ويضعه تحت أي عنوان..
في باب "الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء" يروي البخارى عن أنس بن مالك الآتى: "كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطعمته وجعلت تفلى رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك قالت: قلت وما يضحكك يا رسول الله؟ ناس من أمتى عرضوا علىَّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسِّرة، أو مثل الملوك على الأسرة، شك إسحق، قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى منهم، فدعا لها رسول الله، ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتى عرضوا على غزاة في سبيل الله كما قال في الأول، قالت: فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: أنت من الأولين، فركبت البحر في زمان معاوية بن أبى سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت". والمضحك أن الراوية للحديث هى بطلته أم حرام نفسها، وتقول الرواية أنها هلكت، ومعناه أنها روته بعد أن هلكت وماتت!.
ورغم أنه في أبواب أخرى يروي البخاري هذه الرواية بطرق أخرى ليس فيها النبي نام عند أم حريم، إلا أنه وضع في ذهن القارئ منذ البداية أن أن النبي يدخل على سيدة متزوجة في غياب زوجها.. ثم يترك البقية لخيال القارئ بشكل محبوك..
وفي رواية أخرى، أسندها إلى أنس، يستعرض البخاري مهاراته في تأليف القصص يقول: "أن أم سليم كانت تبسط للنبى نطعا فيقيِّل عندها ـ أي ينام القيلولة ـ فإذا نام النبى أخذت من عرقه وشعره جعلته في قاروة ثم جمعته في سُك، فلما حضر أنس بن مالك الوفاة أوصى أن يجعل في حنوطه من ذلك السُك فجعل في حنوطه..". فالبخاري يريد أن يؤكد أن النبي معتاد على النوم عند النساء وحدوث تماس معهن! وأن الحصول على عرقه وشعره يتم بهذه الطريقة..
وفي رواية أخرى يسندها إلى أَنس بن مالكٍ، يقول: "قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ".
فالنبي، حسب البخاري، لم ينتظر حتى تتم صفية عدّتها ثم يتزوجها، بل إنه باشر البناء عليها دون انتظار. والرواية لا تشير إلى أن سبب الزواج هو محاولة التخفيف على صفية وإبدالها زوجا خير زوجها القتيل، بل إنها ركزت على جمال صفية كما لو أنه لم تكن هناك جميلات غيرها. وكما لو أن النبي يصعب عليه الحصول على فتاة جميلة للزواج منها وهو النبي والحاكم. وكما لو أن خاض الحرب من أجل النساء. تحول النبي، حسب البخاري، إلى رجل مهووس بالجنس وليس بممارسة واجب تبليغ الرسالة بأقصى ما يمكن من الالتزام الديني والأخلاقي.
كانت صفيةُ بنتَ حُيي بن أخطب اليهودي، وهذا الرجل تزعم بعض كُتُب السنن الأخرى أن الرسول قد قتله بعد ربطه.. مما يعني أن النبي قتل رجلاً وهو أسير. [البيهقي، السنن الكبرى، ج6، ص52]، بل إن ابن حبان يدّعي أن رسول الله قتل زوجها وأخا زوجها [صحيح ابن حبان ج11ص607] وهو ما يعني أن النبي قتل رجلين ليتزوجها هو.. والأسوأ من ذلك أنه دخل بها دون أن تنقضي عِدّتها..
لا يضرب البخاري بهذه الروايات صورة النبي فحسب، بل يستنبت منذ ذلك الحين دينا متوحّشا حشْوُه النساء. وهذا ما تجلّى عبر العصور، وكانت التيارات السلفية العنيفة تعبيره الأقصى.

اتهام النبي بمحاولة الانتحار

ينسب البخاري إلى النبي محاولته الانتحار في حديث أورده تحت رقم  6581، في كتاب "التعبير". ولفظه: "قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: ".. وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ".
وهذه محاولة مفضوحة للإساءة الى النبي في بداية بعثته. من الممكن أن يكون النبي قد حزن لتأخر الوحي عنه، غير أن مجرد التفكير في الانتحار ليس أبدا صفة الرجل القوي والواثق والمؤمن الذي وصفه القرآن بصاحب الخلق العظيم. والصبر والتحمل والثقة بالنفس والإيمان الراسخ كلها أشياء يتتمع بها فضلاء الناس فضلا عن خاتم الأنبياء الذي جمع في نفسه الجمال والكمال الإنساني كله.
من غير المعقول أن يفكر أي إنسان في الانتحار لمجرد انقطاع بعض  الرؤى عنه، فكيف بالنبي الذي كان يعرف أنه يتلقى وحيا وأن انقطاعه عنه يحتمل أكثر من سبب. إن هذا هو ما يجعلنا نشك في نوايا البخاري من رواية هذا الحديث وما يشبهه. فعندما تكثر الأحاديث المسيئة، لن يكون بإمكان الباحث إلا أن يطرح التساؤل المناسب عن مغزى ذلك.

اتهام النبي بالتعرض للسحر

روى البخاري في صحيحه الحديث رقم 3268 عن عَائِشَةَ أنها قَالَتْ: "سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ، حَتَّى كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ دَعَا، وَدَعَا ثُمَّ قَالَ: أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِي فِيمَا فِيهِ شِفَائِي؟ أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلآخَرِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ؟ قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ: فِيمَا ذَا؟ قَالَ: فِي مُشُطٍ وَمُشَاقَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ. فَخَرَجَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ. فَقُلْتُ: اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقَالَ: لا، أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يُثِيرَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ شَرًّا، ثُمَّ دُفِنَتْ الْبِئْرُ".
هذا الحديث يقول إن النبي تعرض للسحر وأثّر في قدراته العقلية إلى درجة أنه أصبح يتوهم فعل أشياء لم يفعلها. وهذا يعني مباشرة الشك في سلامة الرسالة. فما يقوله أو يفعله وهو مسحور لا يمكن الأخذ به. بل إن كل ما جاء به يصبح موضع شك لأنه من الممكن أن يكون النبي يعاني السحر منذ نزول الوحي عليه لأول مرة.
ليس مستبعدا أن يكون اليهود قد حاولوا سحر النبي ص. لكن المؤكد أنهم فشلوا. فما لا يمكن قبوله هو تأثّر النبي به، لأن الأنبياء لديهم ما يكفي من الحصانة الذاتية التي تمنع تأثرهم بالسحر. وقد أنكر القرآن الكريم تأثر النبي بالسحر واعتبر القائلين بذلك ظالمين: "وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا". الفرقان، 8.

اتهام النبي بالهذيان

حديث الهجر أو الهذيان لم يتفرد به البخاري بل إننا نجده في لدى أكثر المحدثين السّنّة. والذين اتهموا النبيّ بالهجر هم بعض "الصّحابة". والتدقيق في إطلاق تلك التهمة ضد النبي يوصل إلى نتيجة تقول إن الهدف كان منع النبي من إلقاء وصيته الأخيرة.
تقول الرواية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: "يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال: اشتد برسول الله (ص) وجعه يوم الخميس فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا: هجر رسول الله (ص)، قال: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه، وأوصى عند موته بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة ".
وتؤكد روايات مشابهة أن من اطلق تهمة الهجر او الهذيان ضد النبي هو عمر بن الخطاب لمنع النبي من الوصية. ولا شك أن تلك الوصية كانت تريد إغلاق الباب أمام مخططات كانت تريد الاستيلاء على السلطة بعد النبي ص. لكن عمر واجه ذلك باتهام النبي بالهذيان. إن الخطورة تكمن في التهمة في حد ذاتها، لأن إثبات الهجر في حق النبي يعني أن ما يقوله ليس كله حق وأنه مشوب ببعض الهذيان الذي يعني الكلام الذي لا معنى له أو لا طائل منه.
وقد يقال إن البخاري هنا هو مجرد ناقل. والحقيقة إنه كذلك. وهذا النقل لا يكشف موقف البخاري من النبي بقدر ما يكشف المصالح الضيقة التي كان يفكر من خلالها بعض "الصحابة".

اتهام النبي بتعذيب الناس

في "الجامع الصحيح"، كتاب الجهاد والسير، باب إذا حرق المشرك المسلم هل يحرق، الحديث 2855، عن أنس بن مالك "أن رهطاً من عكل ثمانية قدموا على النبي (ص) فاجتووا المدينة فقالوا: يا رسول الله ابغينا رسلاً قال: ما أجد لكم إلا أن تلحقوا بالذود فانطلقوا فشربوا من أبوالها وألبانها حتى صحوا وسمنوا وقتلوا الراعي واستاقوا الذود وكفروا بعد إسلامهم فأتى الصريخ النبي (ص) فبعث الطلب فما ترجل النهار حتى أتي بهم فقطّع أيديهم وأرجلهم ، ثم أمر بمسامير فأحميت فكحلهم بها وطرحهم بالحرة يستسقون فما يسقون حتى ماتوا، قال أبو قلابة: قتلوا وسرقوا وحاربوا الله ورسوله (ص) وسعوا في الأرض فساداً".
إن هؤلاء الاشخاص قتلوا الراعي بحسب الرواية والعقوبة العادلة قتلهم ما لم يعف أولياء الدم. وتنتهي المسألة. لكن البخاري يدعي أن النبي أرسل من قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وطرحهم تحت الشمس عطشى ينزفون إلى أن ماتوا.
لا يوجد ما يؤكد أن الحادثة في أصلها وقعت أو أن من أرسله النبي تصرف وفق أوامره. وهذا يعني أن البخاري وكل من روى هذه القصة لم يلاحظ هذه البشاعة التي تتضمنها الرواية والتي لا يمكن أن تصدر عن النبي ص الموصوف بالرحمة في القرآن، أو أنه لاحظ وتعمد إثباتها لأهداف يعلمها الله ويعلمها البخاري وبقية الرّواة.
مشكلة البخاري مزدوجة. فهو يروي أحاديث ذات مضامين مسيئة لشخص النبي. روايات تختلق قصصا أو تزورها. وهو أيضا يروي عن أشخاص لا يستحقون الثقة فيما يروونه بسبب فسادهم الشخصي أو بسبب سوء ضبطهم للحديث. وقد كفانا الإمام علي مؤونة البحث في حقيقة هؤلاء فقال: "ألا إنّ أكذب الناس، أو قال: أكذب الأحياء - على رسول الله، صلّى الله عليه وآله، أبو هريرة الدوسي". [شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد، ج 4، فصل 56، ص68]. وعن الإمام جعفر بن محمّد، عليه السلام، أنّه قال: "ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة". [الصدوق، الخصال، ص 190، الحديث 263]..

ولا توجد إلا امرأة واحدة تروي بكثرة وتنسب رواياتها للرسول. وهؤلاء الثلاثة هم أكثر من يروي عنهم البخاري.

الاثنين، 12 ديسمبر 2016

جورج سوروس.. من الثورات الملوّنة إلى الخريف الأمريكي






قاسم محمد


يخطئ من يظن أن أمريكا تحكم العالم، أو أنها دولة مستقلة تقرر مصيرها بنفسها. الولايات المتحدة الأمريكية ليست، في واقعها، إلا مستعمرة ضخمة لأصحاب رؤوس الأموال العابرة للقارات. وأمريكا في ذلك لا تختلف عن أي دولة في العالم تخضع لسلطة رأس المال المحمي بقوة القانون وبالارتباط التنظيمي وبالصفقات السرية. فالذين يملكون رؤوس الأموال الضخمة هم الذين يسمحون أو يحددون من يصبح رئيسا أو حاكما في البيت الأبيض.
ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت الهدف التالي لرؤوس الأموال الكبيرة، وهي في معظمها يهودية، من أجل تخريبها وتدميرها وتحويلها إلى ولايات أمريكية منقسمة ومدمّرة من أجل التخلص منها بعد أن انتهى الدور الذي أوكل إليها طوال القرون الثلاثة الأخيرة. كانت أمريكا طوال المرحلة الماضية القاعدة الأساسية التي استخدمها اليهود لمراكمة الثروة والسيطرة على العالم وإدارة الصراعات بشكل خفي لا ينتبه إليه إلا من غاص في عوالمهم الخفية.
جورج سوروس هو أحد هؤلاء الرأسماليين الكبار الذين يرسمون المشهد الجديد. بدأ حياته نادلا، ويوصف بأنه "عبقري المضاربة". غير أن العارفين يقولون إن روتشيلد هو مصدر ثروته وهو الداعم الأول له. أو لنقل إنه أحد موظفي روتشيلد الكبار. تقدم عائلة روتشيلد منح لمنظمة كوانتم وهي شركة استثمارات خاصة من شركات الأوف شور يملكها جورج سورس. كما أن مدير بنك سوسيتيه جنرال المملوك لسوروس، مايكل شيكوريل، هو عضو في أحدى شركات عائلة روتشيلد، وأحد شركاء سوروس كذلك هو جيمس غولد سميث كذلك من المرتبطين بعائلة روتشيلد. ويقول الجيوسياسي ويليام انجدال أن نجاح جورج سوروس وثراؤه الفاحش ليس نتيجة الحظ بل بسبب الدعم السري له من عائلة روتشيلد.
يبدو سوروس واحدا من هؤلاء اليهود المتحكمين باللعبة الإعلامية والسياسية في أمريكا والعالم. اشترى مؤخرا 341 سهما في الفيسبوك، وهو أكبر ممول وداعم للمنظمات غير الحكومية المعروفة بمنظمات المجتمع المدني المفتوح وله مؤسسة باسم Soros Open Society. وهو أيضا ممول فريدوم هاوس وNED والصندوق الوطني للديمقراطية ومركز أبحاث كارنيجي وهو كذلك يقدم تبرعات ضخمة لمنظمة هيومان رايتس ووتش Human Rights Watch.
كان لسوروس الدور الأكبر في الثورات الملونة المختلفة التي أطاحت بكثير من الأنظمة من جورجيا إلى أوكرانيا، ومن أوروبا الشرقية الى العالم العربي. وقد أكد الرئيس الجورجى السابق إدوارد شفاردنادزه ذلك عقب تنحيه عن السلطة تحت ضغط المعارضة الجورجية واتهم شيفاردنادزه صراحة جورج سورس بتدبير الانقلاب، وتمويل المعارضة اليمينية في جورجيا، ثم تنظيم انتخابات توصل من يريد إلى الحكم على غرار ما حدث في يوغسلافيا.
وفي تونس كشفت تقارير أمنية رسمية عن وقوف جورج سوروس وراء تمويل 50 جمعية تونسية بعضها ينشط في مجال مكافحة الفساد وأخرى ذات صبغة حقوقية قضائية.
وقالت تلك التقارير أن تمويلات تحصلت عليها جمعيات تونسية من منظمات أمريكية وألمانية وأنقليزية تبين أنها تحت إشراف جورج سوروس وتراوحت التمويلات التي تم صرفها بين 20 ألف و100 ألف دولار سنويا لكل جمعية منذ سنة 2011.
 ويبدو أن الدور الآن على أمريكا نفسها. فمن المعروف عن سوروس دعمه للحزب الديمقراطي الأمريكي. فهو من دعم أوباما ومول حملاته الانتخابية للوصول للحكم ولا شك في تأثيره المباشر في سياسات البيت الأبيض. وهو الآن يموّل المظاهرات والاحتجاجات المستمرة ضد ترامب من خلال دعمه للديمقراطيين. ولا شك أنه دعم له أهدافه الكبرى.
في حديث له في شباط / فيفري 2016 قال سورس، الذي لا يخفي انتماءه للماسونية، إن أغنياء العالم الـ52 هم في الأصل من العوائل اليهودية الحاكمة في "إسرائيل" وينحدرون من عوائل الأسباط الأثنى عشر. مشيرآ إلى أمتلاكهم لـ 19 تريليون من النقد في العالم.
وقال إن "هذه العوائل هي من تتحكم في العالم وهم من يسيرونة حسب رغباتهم ويتحكمون بالسياسة النقدية ومنها صندوق النقد الدولى"، مدعيا أن "غالبية اليهود الأسباط لديهم نسب قديم مع الملكة اليزابيت وعائلة جورج بوش، إضافة إلى العائلة  المالكة  في فرنسا، أو أنهم يعودون إلى الأسر الحاكمة".
وأضاف إن "من بين هذه العوائل يوجد 4 عائلات يهودية مسيطرة على الاقتصاد ككل وعلى صندوق النقد الدولى بالإضافة على استيلائهم على الإعلام الألماني والأمريكي..". وأن "البعض الآخر يتحكم في تكنولوجية المعلومات التى من خلالها يتحكمون في مراقبة مشاهير العالم في الفن والاقتصاد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم". والأخطر في تصريحاته قوله إنه "تم إنشاء مركز خاص لمعرفة نقاط القوة والضعف لدى جميع الأشخاص ومُؤكّد في الوقت ذاته أن أسرار العالم أصبحت كتابا مفتوحا أمامنا". وسوروس يشير بذلك إلى مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت إضافة إلى سيطرتهم على الأنظمة التي تمدهم بكل ما يحتاجونه من معلومات أمنية. فبالأساس وجد الفيسبوك والتويتر وغيرهما من أجل التمهيد للثورات الملونة في أوروبا الشرقية والعالم العربي ومناطق أخرى مثل إيران وأوكرانيا.
جورج سوروس الملياردير الأمريكي اليهودي الخزري، من أصل مجري، باع كل أسهمه واستثماراته في بنوك كبرى من بينها غولدمان ساكسGoldmanSacs  وسيتي غروب  City Group  وجاي بي مورغان شايس JP Morgan وويلز فارغو، ومصارف أصغر مثل ريجنز فاينن.
وهذه البنوك وخاصة منها بنوك جولدمان ساكس وسيتي جروب تمول الثورات الملونة حيث أنها ضمن الرعاة الرسميين لبعض منظمات المجتمع المدني المفتوح منهم نيد NED كما تمول هذه البنوك معاهد أبحاث ضخمة منها معهد بروكينجز Brookings ومجلس العلاقات الخارجية الأمريكي CFR ونظيره الأوروبي شاتام هاوس. وفي المقابل ضاعف جورج سوروس استثماراته في الذهب حيث بلغت أسهمه في جولد تراست المدعوم بالذهب إلى 884,400 سهما.
والاستثمار في الذهب قد تكون له دلالات أخرى وهي توقع أزمة اقتصادية كبيرة وانهيار الدولار. وفي الحقيقة لا شيء يحدث صدفة في عالم يتحكم في اتجاهه وفي كل خطواته مجموعة من أصحاب رؤوس الأموال الضخمة المنتظمين في نادي بيلدبيرغ.
يؤمن جورج سوروس مثل بقية الماسون بفكرة النظام العالمي الجديد الذي يدعو إلى إقامة نظام عالمي موحّد لتوسيع العولمة لنكون أمام عالم واحد وحكومة واحدة وسوق مشترك واحد وجيش واحد وتعليم واحد ودين واحد.
وذلك النظام العالمي الجديد يحتاج إلى هدم القديم لإقامته على أنقاضه. ومن هنا حديثهم عن مخططاتهم في الفوضى الخلاّقة والحرب الثالثة والكوارث الطبيعية والأمراض والأوبئة..
وأمريكا في هذا كله ليست استثناء. فقد كانت مجرد وطن بديل لليهود النافذين اليوم بثرواتهم الهائلة. وليس مستبعدا أن يفتعلوا ضدها حروبا وكوارث تدمرها لتسهيل انتقالهم إلى نظامهم المزعوم كما هو واضح في تسريباتهم. أما الوطن النهائي الذي يتحدثون عنه فهو فلسطين. وهم يريدون أن تكون القدس هي العاصمة للنظام العالمي الجديد الذي يدْعون إليه.



الأحد، 4 ديسمبر 2016

نظرية المؤامرة.. خرافة أم حقيقة؟





قاسم محمد



حتى الآن، لا توجد تفسيرات مقنعة ولم يتم الكشف عن الفاعلين الحقيقيين في كثير من القضايا والأحداث الكبرى مثل اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي وانهيار الاتحاد السفياتي والثورات الملوّنة واغتيال الأميرة ديانا وهجوم 11 سبتمبر على برجي التجارة في نيويورك.. وعندما انطلقت أحداث ما سمي بـ"الربيع العربي"، انقسم العرب إلى مؤيد ومعارض. وحجة المعارضين أنها أحداث مصنّعة في أقبية مراكز المخابرات الأمريكية. وأن اليد الأمريكية واضحة في كل ما يحدث. وقبل ذلك كله، لا ينسى العرب اتفاقية «سايكس ـ بيكو» التي فضحتها روسيا لاحقان وقضت على أحلامهم إلى أجل غير مسمى، كما لا يمكن نسيان أن نكبة فلسطين بعد "وعد بلفور".
في استطلاع رأي قامت به "مؤسسة زغبي الدولية" في آب 2004 تبين أن قرابة نصف سكان نيويورك يؤمنون بأن الإدارة الأميركية كانت تعرف مسبقاً حدوث أعمال إرهابية على أراضيها ولكنها لم تفعل شيئاً لمواجهتها، فيما ذهب 70 في المئة من مستطلعي رأي في سبعة بلدان مسلمة أن العرب لا علاقة لهم بالتفجير، وأن من قام به هم "الإسرائيليون أو الأميركيون".
يفهم الناس أن كثيرا مما يحدث مشبوه إلى حد كبير وهم يوجّهون اتهاماتهم مباشرة إلى الامريكيين واليهود والصهاينة. نظرية المؤامرة حاضرة بقوة لتفسير ما يبدو غامضا ويعجز السياسيون عن تبريره بطريقة مقنعة. لقد هاجم الأمريكيون العراق واسقطوا نظام صدام بتهمة حيازة أسلحة كيمياوية ونووية. ولأن ذلك لم يثبت أبدا، فإن التفسير الآخر وهو التآمر على العراق لأسباب اقتصادية ودينية وسياسية أصبح هو المقبول. 
والعرب ليسوا وحدهم من يميل إلى تفسير ما يحدث لهم بنظرية المؤامرة. بل إن ذلك يشمل كل الشعوب المستهدفة والتي ترى نفسها ضحية الأطماع الخفية والظاهرة. غير أن ما يُقدَّم تفسيرا لفكرة المؤامرة لدى العرب ليس تامّا، لأن الشعوب الاخرى ومنها الشعوب الأوروبية والأمريكية تؤمن نسبة كبيرة منهم بنظرية المؤامرة. فعندما يتهم نصف سكان نيويورك الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية بتدبير الهجوم، فإن ذلك يعني أن نظرية المؤامرة ليست شيئا خاصا بالعرب.
يستسهل الكثيرون تسخيف نظرية المؤامرة ولا يرون فيها سوى خرافة صُنِّعت لتبرير العجز والضعف، لكنهم لا يتمكنون من تقديم أجوبة مقنعة عن وجود فكرة المؤامرة في مجتمعات يقال عنها إنها قوية ومتقدمة. ومن الممكن أن يكون ذلك مبرَّرا في حدود معينة لعدم توفر الشروط العلمية والمنهجية لإثباتها. لكن ذلك تم تجاوزه، فالعلم لم يعد حسيّا مخبريا فحسب، بل إنه اصبح في جزء كبير منه قائما على الافتراض والاحتمال والحصر والاستنتاج. غير انه عندما تفتضح المؤامرة ويقر بها اصحابها تثبت المؤارة بشكل يقيني. فعندما افتضحت، مثلا، قضية عقارات الهلوسة LCD التي كانت مشروعاً للتحكم بالعقل للاستخبارات الأميركية وتم كشفها في الستينيات، وافتضحت قضية "ووترغيت" الشهيرة وغيرها تم التـأكد من صحة تلك المؤامرات.
تتفق تعريفات نظرية المؤامرة في نقطتين. الأولى هو أنها تتمم بواسطة أناس أقوياء ودهاة. والثانية أنها تتم في الخفاء، في الغرف المظلمة والزوايا السرية. وعندما ينتفي عنصر الخفاء ينتفي عنوان المؤامرة. كما ان الضعيف والأحمق لا تنجح مؤامراته عادة.
لم تعد المؤامرة شيئا خفيّا بشكل كامل، فالولايات المتحدة لا تخفي خططها في "تعزيز الديمقراطية". وهذا المصطلح لا يعني شيئا سوى نشر الثقافة الأمريكية وامتلاك العقول باعتبارها مدخلا أساسيا للهيمنة السياسية والتبعية الاقتصادية.. بل إن الكثير من الخطط وردت على ألسنة رؤساء ووزراء ومسؤولين كبار أمريكيين قبل وقوعها. فقد تحدث جورج بوش الأب عن النظام العالمي الجديد واعتبره فكرة عظيمة تسعى إليها أمريكا. وتحدثت غونداليزا رايس عن الفوضى الخلاّقة، وتحدث رئيس المخابرات الأمريكية السابق جيمس ويلسي عن ثورات الربيع العربي وتوعّد بعض الحكام العرب.
لا تتردد الإدارات الامريكية في دفع الملايين من الدولارات إلى منظمات المجتمع المدني والمعارضات السياسية لتحقيق أهدافها. فمثلا، شجعت الإدارة الأمريكية الأوكرانيين على الإطاحة برئيسهم. وموّلت ندوات ومظاهرات وخيم. كان ثمن كل خيمة من خيم ميدان كييف في أوكرانيا، مثلا، 170 دولاراً دفعتها منظمة "آن الأوان" الأميركية. هذه السياسات المعلنة تسمى خططاً ولا يعترف الأكاديميون في الغرب أنها تندرج تحت اسم المؤامرة، وهم عادة يلتحفون بغطاء الارهاب لتبرير تلك الأعمال. وقد تبيّن أنهم هم انفسهم من يصنع الإرهاب لتبرير هذه الاعمال. فقد بات واضحا أن أمريكا أنشأت القاعدة ومولت داعش وسلّحت الإثنين.
بل إن المؤامرة قد تكون موجّهة ضد أمريكا نفسها. والمتآمرون هم اليهود الذين يريدون بناء نظامهم العالمي الجديد الذي ستكون عاصمته القدس كما يقولون. فمثلا فاز دونالد ترامب بالانتخابات الأخيرة رغم أن هيلاري كلينتون كانت متقدمة عليه بمليوني صوت، وذلك بفعل أصوات المندوبين. وبعد فوز ترامب خرجت ضده مظاهرات يمولها الملياردير اليهودي جورج سوروس الذي كان أيضا الممول للثورات الملونة في أوروبا الشرقية. وهذا يؤكد حقيقة أن الولايات المتحدة هي نفسها مجرد مستعمرة لليهود، وهم مستعدون لفعل أي شيء بها خدمة لمصالحهم ولأوهامهم الدينية! يمكن لجماعة ما بعد الحداثة أن يستمروا في معاندة الحقيقة والاستسلام لمقولات الإعلام الغربي أو التابع له. لكنهم سوف يعرفونها يوما بعد فوات الأوان. 
غير أنه، من ناحية أخرى، لا يجب إرجاع كل المصائب إلى نظرية المؤامرة. لا يمكن للمؤامرة أن تنجح إلا مع وجود القابلية لدى الطرف المستهدف. وتلك القابلية سببها الأساسي حالة الضعف التي يعاني منها. نجاح المؤامرة هو نتيجة ضعف الطرف المستهدف وليس سببا له. انه يكرس حالة التخلف ويضاعف حالة الجمود القائمة بالفعل. 
لا يمكن للعرب أن يستيقظوا من رقدتهم بمجرد معرفة من يتآمر عليهم، ويفتعل ضدهم الحروب والإرهاب، وينشر الجهل والفساد. بل إن المؤامرة الكبرى أن يستمروا في لَوْك مقولات قديمة مشبعة بالخرافة والأسطورة وتقديس بعض الحكّام الأوائل، دون أية مقاربات نقدية حقيقية لطريقة تفكيرهم ومنهج حياتهم ورموزهم التاريخية والنظريات التي يتبنونها والدين الذي يؤمنون به. فكل شيء في هذا العالم العربي يحتاج إلى عمليات نقدية جذرية من أجل الوصول إلى مكامن الوهن التي أنتجت أمة تستمرئ الاستبداد وتقدس الفساد.