الثلاثاء، 24 أبريل 2018

هل انتقلت سينما ابن سلمان إلى حي الخزامي؟






قاسم شعيب


هلَّل كثيرون لقرار ولي العهد السعودي إعادة افتتاح دور للسينما لأول مرة منذ عقود بعد أن أدى تمرد جهيمان العيتيبي عام 1979 الى إجراءات متشددة كان أحدها إغلاق تلك الدور. وتم تصوير الأمر على أن خطوة جديدة على طريق الإصلاحات المزعومة التي ينفذها محمد بن سلمان.
غير أن سينما ابن سلمان انتقلت، فيما يبدو، من الشاشة الكبيرة إلى أرض الواقع. وعملية الاغتيال التي تعرض لها رئيس المجلس السياسي اليمني صالح صماد والمجزرة التي ارتكبت بحق مدنيين يمنيين في حفل زفاف ربما جاءت لإبعاد الأنظار عما حدث في حي الخزامي في الرياض قبل أيام.
لا يبدو أن محمد بن سلمان سيتوقف عن تصفية منافسيه وخصومه في الداخل وافتعال قضايا فساد من أجل فتح الطريق نحو العرش أمامه والتمكن من تسديد فاتورة صعوده الى العرش السعودي. جال ابن سلمان بين بريطانيا وأمريكا وفرنسا وعقد الصفقات المليارية الجديدة ولا شك أن ذلك يشكل ضغطا كبيرا على ميزانية البلد ما يجعل الحل الأسهل بالنسبة إليه مواصلة ابتزاز الأمراء والأثرياء السعوديين دون التوقف عن فرض الضرائب على المواطنين.
وبسبب تلك الضغوط، يوجد احتمال قوي يؤكد أن ما حدث في حي الخزامي في الرياض أين يوجد القصر الملكي لم يكن حقيقيا بل كان مفتعلا من أجل تبرير عدة إجراءات قد تشمل لاحقا إيقافات جديدة وعمليات ابتزاز ومساومة. لكن ذلك لا يلغي احتمال أن يكون ما حدث حقيقي ويعكس غليانا واسعا داخل العائلة الحاكمة ورغبة في التخلص من ولي العهد الذي أهانها وأبرز عيوبها بشكل غير مسبوق ليس أمام الرأي العام المحلي فحسب، بل حتى أمام الجمهور العربي والإسلامي الذي انخدع بالخطاب الذي استمر النظام السعودي في ضخِّه عبر الإعلام والمساجد والكتب والدوريات لعقود طويلة..
من المبكر الجزم بحقيقة ما حدث. غير أن الرواية الرسمية لا تبدو متماسكة. قالت الشرطة السعودية إنها تعاملت مع طائرة درون غريبة كانت تمر في حي الخزامي. غير أن الفيديوهات المسربة لا تظهر الطائرة بل توضح تبادلا كثيفا لإطلاق النار استمر حسب شهود لساعة كاملة. كما أن تنوع الأسلحة المستخدمة يكشف هو الآخر أن الأمر كان محصورا بعملية كانت تجري على الأرض. وإذا كان أحدث أنواع طائرات الدرون لا تتجاوز سرعته الـ100 كم في الساعة ومدة التحليق نصف ساعة، فإنه لا معنى لاستمرار إطلاق النار الكثيف لقرابة الساعة، خاصة وأن القوات التي تحرس القصر تتمتع بمهنية واحترافية عالية وسرعة في الرد كما هو مفترض.
قد تكون هناك طائرة درون بشكل عرضي أو جزء من تصوير المنطقة لمساعدة المهاجمين لكن إطلاق النار ليس له علاقة بها، بل كان تبادل نيران من طرفين. وبحسب مصادر فإن الهجوم وقع بسيارات تحمل مدفع 50 ملم والرد كان عشوائيا. وسرعان ما اختفى المهاجمون دون أن تتضح هويتهم ولا الهدف من الهجوم.
وسواء كانت العملية مفتعلة، كما نرجح، أو حقيقية، فإن محمد بن سلمان بات يواجه أزمة مفصلية لا يجد لها حلا سوى ممارسة المزيد من الإيقاف والابتزاز ومصادرة الأموال بتهم الفساد وفرض مزيد من الضرائب على الناس.  
استطاع محمد بن سلمان في وقت وجيز أن يحقق "إنجازات" مهمة دون أن يقصد ذلك. فقد كشف أمام الجميع فساد العائلة الحاكمة والمليارات التي جمعها الأمراء السعوديون بطرق غير مشروعة وملتوية غالبا. وعرّى المؤسسة الدينية التي فهم الجميع أخيرا أنها مجرد غطاء لتبرير سياسات آل سعود. وقد رأينا كيف أصبح المشايخ الوهابيون التابعون لـ"هيأة العلماء" يفتون بما كانوا يحرمونه في السابق ولعل آخر تلك الفتاوى ما يتعلق منها بالسينما..
كان ابن خلدون يقول: "الملك يبليه الترف ويذهب به". و"عندما يستبد الأبناء بالحاشية.. يلجأ كبار الحاشية والمقربين إلى الترف والدعة كما يسعون إلى جمع المال بطرق شتى.. وهنا تقل العصبية الحامية للدولة، فيلجأ الملك إلى جدع أنوف العشيرة والأقارب.. بمصادرة ممتلكاتهم وإلى القتل والإهانة..". ويبدو أن ما قاله ينطبق هذه الأيام على الحكم السعودي..




ليست هناك تعليقات: